الفرص الضائعة
عصام قضماني
هناك اربعة مصادر للعملات الصعبة، الاول هو الصادرات الوطنية اما الثاني فهو الدخل السياحي والثالث هو حوالات المغتربين واخيرا المنح والقروض.
سنترك جانبا كل العناصر المذكورة ونستثني الصادرات الوطنية.
ما يعوق حصول هذا المصدر المهم للعملات الصعبة على مكانته الفعلية ثلاثة عناصر، التكلفة وغياب مبدأ المعاملة بالمثل وضعف الايدي العاملة.
حتى تنمو الصادرات الوطنية وتحتل مكانتها الفعلية في مؤشرات النمو يجب مراجعة اسباب تلك المعيقات وهي الاتفاقيات التجارية، ضعف المهارات وارتفاع تكاليف الانتاج، طاقة واجور وضرائب ورسوم.
القناعة في الذهاب نحو هذه الاتجاهات موجودة لكن الارادة للتنفيذ مترددة،
اما المخاوف فهي نقصان الايرادات مع ان هذه المخاوف ليست مبررة اذ علمتنا تجارب الدول التي تشكل الصادرات عمود اقتصادها الاساسي ان ضرائب وتكاليف اقل وعمالة ماهرة حتى لو كانت اجورها مرتفعة تعادل ايرادات اكبر من صادرات اكثر ونفاذاً اكثر وبعبارة واحدة تقول «المنافسة الايجابية».
الفرص الضائعة في الصادرات الأردنية الوطنية تذهب في اتجاهين الأول معيقات التصدير وهي شأن الاسواق الخارجية وقيودها، وتأهل مبدأ المعاملة بالمثل، أما الثاني فهو الاعفاءات والضرائب غير المتوازنة.
من ذلك مثلاً مساواة المدخلات المحلية بالمستوردة في قوائم الاعفاءات، بينما أن الأصل هو تمييز المدخلات المحلية لضمان المنافسة كما في حالة صناعة البلاستيك مثلاً.
لماذا لا يتم اعفاء الصادرات إن كانت نسبة المدخلات المحلية فيها تتجاوز ثلثي المنتج وتنزيل الاعفاءات كلما قلت نسبة المدخلات الوطنية؟
حجم السوق المحلية من البضائع يقدر بما يقارب 27 مليار دينار سنوياً، فيما لا تزيد مساهمة الصناعة الأردنية من إجماليها ما نسبته 45% رغم وجود منتجات مستوردة تقدر قيمتها بنحو 5 مليارات دينار لها مثيل مصنع محلياً.
اعيد الى الاذهان التصريحات المثيرة لرئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير والتي قال فيها «إن هناك فرصاً ضخمة ضائعة للصناعة الأردنية في السوق المحلية، وفي الأسواق قيمتها تتجاوز ٤ مليارات دينار»!
ما قصده الجغبير هو ما اشرنا إليه سابقا وهو ازالة المعيقات، والتوجه نحو الإنتاج المحلي وحفز الترابطات بين القطاعات الاقتصادية وحماية المنتجات المحلية من إغراق المستورد.
علمتنا تجربة وباء كورونا ان هذا ممكن؛ فقد تكفلت الصناعة الوطنية بسد جزء كبير من احتياجات البلاد في كثير من السلع والمنتجات المتنوعة.
الصناعة الأردنية تملك مقومات عالية وقد اثبتت نفسها خلال فترة وباء كورونا لكن هل سنحتاج في كل مرة الى ازمة كي نتنبه الى اهميتها.
ما حصل هو اننا تغنينا بالصناعة عندما كانت هناك حاجة لها وما ان انتهت الحاجة عادت الامور الى سابق عهدها والقينا كل وعود الدعم وكلمات الاشادة جانبا.
مع ذلك ما زال هذا القطاع يتصدى لمواجهة التحديات والتكيّف مع الصعوبات والظروف، ونحن نرى ارتفاع جاهزية الصناعات الأردنية في كل مرة تداهمنا فيها ازمة.
لماذا لا يتم مراجعة الاتفاقيات التجارية الموقعة مع مختلف التكتلات الاقتصادية المجحفة منها لاستغلال الفرص التصديرية، وإعادة التوازن للميزان التجاري لمصلحة أولويات الصادرات الوطنية؟
هناك من لا يزال يعتقد ان دعم قطاعات مثل الخدمات التي لا تحتاج الى رساميل كبيرة اكثر جدوى من دعم الصناعة التي تتطلب رساميل كبيرة لبدء الانتاج ولم يتنبه الى معيار اكثر اهمية وهو حجم وقيمة الاصول التي تتوافر في الصناعة والمصانع.