روعة التعايش الديني بين الاردنيين
د. رايه خليفات
يُعتبر الأردن نموذجًا فريدًا للتعايش الديني الذي يُجسد أسمى قيم الإنسانية والتسامح والاحترام المتبادل. منذ تأسيس المملكة، شكّلت الوحدة الوطنية والتآخي بين مختلف الطوائف الدينية ركيزة أساسية لاستقرار المجتمع الأردني وازدهاره.
الأردن، بتاريخه العريق وموقعه الجغرافي الذي جعله ملتقى الحضارات، استطاع أن يبني بيئة من التناغم الاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين. هذه البيئة ليست فقط انعكاسًا للعادات والتقاليد، بل هي نتاج القيادة الحكيمة التي رسّخت مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.
يتجلى التعايش الديني في الأردن في مختلف مناحي الحياة اليومية. ففي الأعياد والمناسبات الدينية، نجد المسلمين يهنئون إخوانهم المسيحيين في أعياد الميلاد والفصح، بينما يبادلهم المسيحيون التهاني في شهر رمضان وعيد الأضحى. كما أن المؤسسات الدينية من مساجد وكنائس تعمل جنبًا إلى جنب في دعم المجتمع من خلال المبادرات الخيرية والتعليمية والصحية.
لعبت القيادة الهاشمية دورًا كبيرًا في ترسيخ هذا التعايش، حيث أكّد جلالة الملك عبد الله الثاني في العديد من المناسبات أهمية الوحدة الوطنية والعيش المشترك. المبادرات الملكية، مثل “رسالة عمان” و”كلمة سواء”، تُبرز رؤية الأردن كمنارة للحوار بين الأديان وتُعزز قيم التسامح والتفاهم بين الشعوب.
الدستور الأردني ينص على المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، دون أي تمييز بسبب الدين. هذا النص القانوني يُترجم عمليًا في المجتمع الأردني حيث يعيش الجميع تحت مظلة واحدة، يعملون معًا لبناء الوطن وحمايته من التحديات.
إن التعايش الديني في الأردن ليس فقط مصدر فخر لأبنائه، بل هو رسالة إلى العالم تُظهر إمكانية العيش بسلام رغم الاختلافات. في وقت تشهد فيه بعض الدول صراعات دينية وطائفية، يُقدّم الأردن درسًا في كيفية بناء مجتمع متماسك يحترم تنوعه ويحتفي به.
التعايش الديني في الأردن ليس مجرد شعار، بل هو أسلوب حياة يعكس أصالة هذا الشعب وقيمه العريقة. هذا التآخي الديني يُعزز من قوة النسيج الاجتماعي ويدفع نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث يظل الأردن واحة أمن وسلام للجميع.