أخبار حياة – تجري عمليات استقراء لمآلات الفصل التالي في الشرق الأوسط بعد أن تضع الانتخابات الأميركية أوزارها ويماط اللثام عن الرئيس الذي سيحكم الولايات المتحدة لـ 4 أعوام جديدة.
تحدم المعركة الانتخابية التي يركز العالم في مخاضها؛ بين مرشحين للحزبين الديموقراطي وتمثله كمالا هاريس والجمهوري ويمثله دونالد ترامب، وبين هذين الفكرين تكمن تحولات عميقة وتغيرات جوهرية ليس فقط على مستوى الولايات المتحدة؛ إنما على مستوى العالم والمنقة تحديدًا.
وبعيدًا عن أي مشهد ثانوي لذلك العربي المرتقب، يدور السؤال باحثًا عن تداعيات عودة ترامب لسدة الحكم على الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية؟، هل سيوقف حرب الإبادة في قطاع غزة أم سيعيد إحياء “صفقة القرن” مرة أخرى ويربك المنطقة؟.
- بنود صفقة القرن ــ
في ولايته الماضية، كان قد أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن ما يعرف “بصفقة القرن”؛ الصفقة التي هندسها وبلورها صهره ومستشاره جاريد كوشنر، من أجل تطبيع العلاقات بين دول عربية والاحتلال بما يتسبب بإحداث تحول جوهري في القضية الفلسطينية.
لا تتوقف مساعي “صفقة القرن” عند الجزء السابق فقط، بل تسمح للاحتلال باستمرار فرض سيطرته على مناطقة الضفة الغربية، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة إلى “دولة إسرائيل”، وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت سيادة الاحتلال.
وأمهل الاحتلال ـ مدعومًا ببنود الصفقة لمشاريعه ـ السلطة الفلسطينية مدة 4 سنوات لكي تبدأ عملية المفاوضات التي ستنتهي بتطبيق ما جاءت به الخطة. وفي الطريق لنيل الجائزة الكبرى “يهودا والسامرة” أوقفت سلطاتالاحتلال آن ذلك النشاط الاستيطاني في الضفة.
لكن السلطة الفلسطينية رفضت الصفقة وباتت قضية الاستيطان موضع تنفيذ كبير بعد رحيل ترامب، وفي ظل قدوم حكومة يمينية “إسرائيلية” متطرفة، وارتفعت وتيرتها إلى مستويات غير مسبوقة.
وسمح في بنود “صفقة القرن” أن تكون هناك دولة فلسطينية ويمكن تسمية عاصمتها بالقدس، شريطة أن تكون في أي مكان أخرى غير مدينة القدس الحقيقية التي ستبقى موحدة وتحت سيادة الاحتلال وعاصمة لها.
- الأردن سد منيع ــ
لم تمانع صفقة القرن أن يمارس الأردن مسؤولياته تجاه المسجد الأقصى لكن مع إبقاء الوضع على ما هو عليه، وضمان حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين واليهود والديانات الأخرى.
وتميز الأردن خلال عملية التكتم المطبق على معالم صفقة القرن في بداية تجليها؛ بفن استشفاف الأطر التي تستند عليها بنود هذه الصفقة، وبدأ بوضع خطط لمنع تطبيق هذه الصفقة وسار على علم في عملية إجهاض هذا المشروع مستغلًا جميع المحافل.
وبعد أن استشعرت واشنطن أثر عمان في كبح تطبيق “صفقة القرن” آثرت على تشكيل بيئة ضاغطة لمهاجمة الأردن الذي يعاني ظروفًا اقتصادية داخلية صعبة وارتفاع عجز الموازنة العامة وزيادة نسب البطالة وتفاقم المديونية.
لكن الموقف الأردني حيال “صفقة القرن” بقي يشكل حالة فريدة في القدرة على الصمود والمنعة ورفض سياسات حليف تقليدي وسط بيئة إقليمية غير مواتية وسلسلة من الضغوط السياسية والاقتصادية التي مورست على المملكة؛ ورفض الأردن السياسات التي تضر بمصالحه الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني.
- تعهدات قديمة جديدة ــ
وفي حال انتهت الانتخابات الأميركية بعودة ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، فإن مشروع “صفقة القرن” سينفض عنه غبار 4 سنوات عجاف بحيث يعود للواجهة مرة أخرى، وذلك من خلال بدء تسيير قطار التطبيع الذي بدأه في الولاية الأولى.
ويتعهد ترامب باستكمال اتفاقيات أخرى مشابهة بحال عاد إلى الرئاسة، إلى جانب إعلانه بأنه سيلتزم بسياسة التشديد والضغط، التي كان يتبعها ضد إيران، وتخللها انسحابه من الاتفاق النووي مع طهران.
ويرى مراقبون أن ترامب سيواصل فرض عقوبات اقتصادية على إيران، بالنمط نفسه الذي اتبعه في الولاية الرئاسية الأولى، لكن لا يعني ذلك الوصول إلى حرب شاملة، فقد ألمح المرشح الجمهوري أنه ينوي التوصل إلى اتفاق مع طهران، لكن بشروطه.
وفي نهاية ولايته السابقة كان قد قرر ترامب الانسحاب من سوريا، لكنه تراجع عن ذلك تحت ضغط القادة العسكريين؛ ومن ثم قد تشكل هذه النقطة بداية لاستكمال هذا القرار في ولايته الثانية، وربما يمتد هذا الانسحاب إلى العراق.