الدعاية البربرية تتفوق والعرب يغنون
فايز الفايز
قاد النبي موسى، ما أسموهم «اليهود» بالهروب الكبير إلى خارج مصر بضربة الفصح التي دمرت مصر كي يعيدهم إلى الأرض المقدسة، لم يتم ذكر ماهية الأرض المقدسة، حتى تنزلت الألواح على موسى، أو ما يسموها «التوراة»، وما أن قطع بهم البحر نحو الصحراء حيث جبل الطور حتى بدأوا بالغمز من قناة هارون، أحد أنبيائهم، بعدما ذهب موسى ليكلم الله، فأخبره الله أن قومه قد كفروا وعبدوا العجل، وعلى الفور تنبأ موسى باللعنّات التي ستحل بني إسرائيل، لكنهم أصيبوا باللعنة من الله، لأنهم خالفوا موسى، وعبدوا العجل، ورفضوا دخولهم للأرض المقدسة، فأذاقهم الله الخزّي وبقوا تائهين لأربعين سنة واللعنات تطارهم.
النبي موسى لم يخرج كنبيّ على أرض فلسطين، حتى أن النبي يوسف كان قد جلب أبويه و إخوته إلى مصر من قبل، وبعد موته استعبدهم، وكانوا عبيداً لشعب الفرعون، حتى جاء موسى، ومن بعده النبي سليمان وداوود وكان لهم أرض، ولكنها ليست الأرض المقدسة التي يدّعونها بأنها أورشليم، ولم تكن القدس عاصمة لهم ولا ملك لهم، بل كانت ملكاً لشعوب غيرهم.
بعد ذلك ولآلاف السنين، كان اليهود مشردين في جميع أنحاء العالم كما أخبر الله موسى، ومن بقي منهم في أراضي فلسطين وغالبيتهم في النقب، وكثير من قبائلهم قد هاجروا إلى الحبشة واليمن، حتى وصلنا إلى القرن العشرين، حيث تغيرت الموازين، وأصبح اليهود المنبوذين في ممالك الإمبراطوريات وانتقم منهم العديد من الدول، بل قتلت الإمبراطوريات منهم مئات الآلاف، أكان في شرق أوروبا أو روسيا القديمة، ومن إسبانيا التي أخرجتهم مع المسلمين نحو المغرب العربي وعادوا إلى أراضي الإمباطورية العثمانية.
اليوم نرى الكم المتدفق من أبواق دول الغرب الذي تكشفت أحقادهم ضد الإنسانية، ودعمهم لزمرة لا تمثل أي قبيلة من القبائل الثلاثة عشر الإسرائيلية، بل جاؤوا لاجئين تحميهم الامبراطورية العثمانية، ثم أُغرقت فلسطين بالمشردين اليهود ليعملوا في الحراثة والزراعة، وبدعم الولايات المتحدة وبريطانيا بدأت نواة قيام الدولة العبرية على أرض ليست لهم، لتلحقهم كافة دول الغرب الأوروبي لحماية ستة آلاف ليس لهم نسب بعيد.
بعد هذا الهذر الذي نقرأه ونسمعه، والبكائيات التمساحية على ما يسمونها دولة إسرائيل، نرى الكم الهائل من النفاق والحقد ضد العرب، بعد أن لجأ اليهود إلى العديد من الدول المعروفة اليوم، المغرب العربي ومصر وسوريا والعراق واليمن، كانوا جميعاً أفراد من الشعب، فيما اليوم نرى كيف تحمي دول الغرب حفنة من القتّلة وتدعمهم بأحدث أسلحة الدمار الشامل، ولم يعطوا كأس ماء لأي طفل أو امرأة أو عجوز، بل إن الجميع في الغرب باتوا ينتظرون عمليات حربية تذكرنا بالحرب على العراق القديم وفي افغانستان والصومال والسودان.
هذا النفاق والكذب والتآمر على غزة وعلى الفلسطينيين عموما قد تكشف عن حظيرة من مصاصي الدماء، يلعقون ألسنتهم كلما أسقط طيران العدو صاروخا يبيدّ مئات الأطفال والنساء والرجال المدنيين، وينعتونهم بالإرهابيين، وكأن الإرهاب العالمي لم يكن إلا صواريخ تحمل الورود والشوكولاته طيلة أعوام ليستهدف الدول الإسلامية.
ستطارد اللعنات، التي ذكرها النبي موسى، على قيادة العدو، وعلى كل من يدعم الكيان الصهيوني ويمدهم بالأسلحة المحرمة، ولحسن الحظ أن شعوب أوروبا وفي أمريكا وغيرها من دول العالم قد فُتحت أعينهم على المجازر التي ترتكبها قيادة تل أبيب، بل إن اليهود الحقيقيين في أمريكا قادوا مظاهرات عارمة ضد حرب نتنياهو وزمرته وأغلقوا المحطة الرئيسة في نيويورك، وكذلك المظاهرات المنددة بإسرائيل في دول أوروبية رغم تعاطف قياداتها ودعمهم لنتنياهو.
الدعاية البربرية التي تتكىء عليها إدارات الدول الداعمة لإسرائيل، ليست سوى أكاذيب، ولهذا يجب على العالم العربي وقياداته أن تعيد التفكير بالخروج من القمقم، فقد أصبح الجلاّد مفضلاً على الضحية، فكم سننتظر حتى تبادّ غزة وأهلها جميعاً، أكي نقدم للمجرم في تل أبيب رسائل تهنئة لفوزة بذلك الفيلمّ الذي يذكرنا بضحايا فيتنام وكوريا؟ أوننسى شعب يعيش في سجن مفتوح، وبين خائن وخائب، تبقى حناجر المتظاهرين لا توصل أي رسالة أمام عدو لم يعد يلتفت او يهمه اي شيء.