مقالات

في رحيل الجنرال… في وداع السياسة

رحل الجنرال عبدالهادي المجالي (1934-2021) ، وقد حضر كثيراً وبكثافة في أزمنة الوطن، منذ العام 1956، فكان طوداً، وصاحب حضور، ورؤية وطنية، وصدرا واسعا، لا يضيق بنقد ولا يخشى تجريحا، ولا يمتهن العتاب، بل يؤثر التجاوز ويعاف المتحدرين، ويحبذ الصمت، كي لا يمنح البعض شرف مواجهته.

غيّر ابو سهل، من صفته المركزية كرجل أمن وجنرال، إلى صفته كسياسي، ونجح في ذلك، لكنه خسر جراء ذلك أيضاً.

 كان أمله كبيراً، بالعمل من أجل بناء عملية سياسية، وحياة حزبية ناجزة، ولكنه لم ينجح في هذا، ولا نجحت بقية الأحزاب، بل إنه تفوق على غيره ممن بدأوا معه محاولة تأسيس حزب مطلع التسعينات، بأنه كان أكثرهم إيمانا بالفكرة، فصرف من وقته وماله لأجل الحزب الكثير، والذي انتهى إلى حزب الرجل، ثم انقذه بفكرة التحول إلى التيار الوطني، بيد أن الوقت كان قد تأخر.

قطع المجالي بالخيار الديمقراطي، والعمل السياسي، وحاول ان يُكرس حالة سياسية وطنية، ليس شرطاً أن تتعاون مع الحكومات، بل ناكفها وعاندها كثيراً، فاعطى مجلس النواب هيبة جديدة، استمرت طوال رئاسته للمجلس، وتغيرت بعده كثيراً.

لم يكف الراحل عن المناورة والحضور السياسي، ولا شك أنه كان الرقم الأصعب خلال عقدين، من تاريخ الأردن الراهن، فقد ملك التحكم بمجلس النواب، دون ان يهبط بمستواه او يسخفه، بل عظم هيبته أمام الحكومات، وكان هو مهابا أمام زملائه النواب.

لم يكن صغيراً أيضاً امام المواقف التي تتطلب منه التدخل، بل كان جنرالاً حقيقياً، لا يأبه بالخصومات ولا الكراهيات، مع بحبوحة ورحابة في الصدر، والنفس الطويل في مقارعة الخصوم.

من الحزب إلى التيار مروراً بمجلس النواب والنزوع نحو فكرة المعارضة السياسية الوطنية، كان المجالي أقرب إلى كشف حالة النخب والسياسة الوطنية معاً، والامعان بفكرة الدفاع والذود عن مصالح وهوية الدولة، فوسم بأنه محافظ في وجه انصار التيار الليبرالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى