في اليوم العالمي للمرأة…التباين كبير بين الدولة والمجتمع

الدكتور محمود عواد الدباس
على مدار ثلاثة سنوات متواصلة( 2022-2024م)، عملت مع عدة جهات في مجال التدريب السياسي للنساء على المشاركة السياسية. خلال تلك الفترة، تعاملت مع المئات من النساء من مختلف محافظات المملكة. كان أهم موضوع قمت بالتدريب عليه هو العنوان التالي: (تأثير البنية الاجتماعية والأدوار الاجتماعية على المشاركة السياسية للنساء). فهو جوهر نظرة المجتمع إلى المرأة. في ذات الاتجاه، كان لي العديد من المحاضرات والمقابلات الإعلامية والمقالات في ذات الموضوع . خلال التدريبات التي كنت أقوم بها، كنت استمع إلى تجارب النساء في كافة محافظات المملكة وهي تجارب قاسية بكل تأكيد. الحقيقة التي علينا الاعتراف بها أن القانون فقط هو الذي ضمن وجود تمثيل للنساء في المؤسسات الانتخابية الكبرى. أما قناعات الأهالي فهي شيء آخر. دليل ذلك أن جميع أو غالبية النساء في المجالس الانتخابية وصلن إلى هذه المواقع بفعل الكوتا النسائية (المباشرة منها أو غير المباشرة وهي الكوتا الحزبية). أما في المؤسسات السياسية الأخرى فإن الدولة هي من قامت باختيار عدد من النساء في عضوية مجلس الوزراء أو مجلس الأعيان.
كان الحديث منذ العام (2003م) وهو العام الذي شهد بداية العمل في الكوتا النسائية داخل البرلمان أنها فترة مؤقتة حتى يقتنع المجتمع بأهمية وجود النساء في مؤسسات صنع القرار. لكن النتيجة أن هذه الفترة أصبحت دائمة كما أن حجم الكوتا النسائية بات يكبر في كل مرة عن حجم الكوتا في المرة أو المرات السابقة. في هذا المجال تجدر الإشارة إلى المجتمع تعامل مع الكوتا النسائية ليس من باب القناعة بأهمية وجود النساء في مؤسسات صنع القرار وإنما من بوابة استثمارها من أجل تعزيز تمثيل البنية الاجتماعية في المؤسسات السياسية الانتخابية. ذلك أن الحصول على مقعد كوتا نسائية هو أقل تكلفة وأسهل من الحصول على مقعد تنافس.
انتقل الآن إلى الحديث عن الأداء السياسي للنساء في مؤسسات صنع القرار وتحديدا البرلمان. ذلك أن السؤال الذي يطرح دائما. لماذا ليس هناك بصمة نسائية في العمل البرلماني بشكل عام؟ المؤكد أن الأسباب متعددة. لكن أود الإشارة هنا إلى بعض معوقات عمل المرأة النائب. وأبرزها أنها تحت المجهر في كلامها ولباسها وطريقة جلوسها. مع وجود حالة من التنمر عليها في الجوانب الثلاثة المذكورة. لذلك كإجراء استباقي تقل حركة النساء في البرلمان خشية الوقوع تحت نيران الرأي العام والتي هي أقصى من النيران التي تقع على أخطاء نائب آخر رجل ارتكب خطأ مشابه. مع الإشارة هنا وأقول ذلك كمختص أن معوقات عمل المرأة في الجانب السياسي تختلف بحسب الفئة العمرية والحالة الاجتماعية حيث تقل أو تكثر وهذا ما لا أريد التطرق له في هذه المقالة.
ختاما. فإن الفجوة كبيرة ما بين نظرة الدولة إلى الأدوار التي يمكن أن تقوم بها النساء في المجال السياسي وما بين نظرة المجتمع. لذلك فإن المصلحة تقتضي بقاء العمل بالكوتا النسائية. فهي الطريق شبه الوحيد لوجود النساء في البرلمان.
اكتشاف المزيد من أخبار حياة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.