ما حقيقة تخلي تونس عن الاتحاد الأوروبي حليفها التقليدي؟
أخبار حياة – لا يخفي مسؤولو الاتحاد الأوروبي انزعاجهم من توجه تونس نحو الشرق لعقد تحالفات تمزج بين الجانبين الاقتصادي والسياسي، ورغم أن محللين يعتقدون أن هذا التقارب ضرورة أملتها الأزمة المالية التي تعيشها البلاد فإن آخرين يستبعدون انسلاخها عن شريكها الأوروبي.
ومنذ صعود الرئيس قيس سعيد إلى سدة الحكم في خريف 2019 لم يتوانَ لحظة واحدة عن توجيه رسائل مباشرة إلى الغرب -تحديدا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة– بعدم التدخل في شؤون بلاده واحترام سيادتها، بسبب انتقادات موجهة له تتعلق بـ”الانفراد بالحكم”.
وفي نهاية مايو/أيار الماضي سافر سعيد إلى الصين للمشاركة في أعمال منتدى التعاون الصيني العربي، وتكللت زيارته بإبرام اتفاقيات اقتصادية في قطاعات متعددة، وأعرب الرئيس التونسي عن مساندته العلنية “لاعتبار بكين تايوان جزءا منها”.
محل قلق
وقبل ذلك بأيام أجرى سعيد زيارة إلى إيران وُصفت بأنها الأولى من نوعها لتقديم العزاء في وفاة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، ويعد سعيد من القادة العرب القلائل الذين شاركوا في تشييع رئيسي، مما طرح تساؤلات بشأن سر “التعاطف الثنائي”.
وبعد تلك الزيارة أعلنت وزارة الخارجية التونسية إلغاء تأشيرة دخول الإيرانيين إلى البلاد، في خطوة تعزز هذا التقارب الثنائي، في وقت تتطابق فيه المواقف السياسية والأيديولوجية بين البلدين لدعم الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
كما شهدت العلاقات التونسية الروسية حراكا -خاصة نهاية العام الماضي- بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تونس.
وأعلن البلدان عزمهما على تطوير التعاون الثنائي والمبادلات التجارية البينية في مجالات عدة واستكشاف فرص الاستثمار.
وباتت هذه العلاقات الحثيثة مع الشرق محل قلق مزعج لدى مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إذ قال مسؤول سياسته الخارجية جوزيب بوريل إن وزراء خارجية الاتحاد ناقشوا في اجتماعهم ببروكسل الثلاثاء الماضي التقارب التونسي مع الشرق.
وبحسب مراقبين، لم تكن تونس مدرجة في جدول أعمال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، ولكن بوريل كشف عن مناقشة علاقات الاتحاد مع تونس بسبب التطورات الداخلية والخارجية، وفي ظل ضغط من منظمات حقوقية تتهم الرئيس التونسي بـ”الاستبداد”.
وتعد مناقشة الاتحاد الأوروبي ملف التقارب بين تونس والشرق الأولى من نوعها، ويرجح أن تُجرى نقاشات أخرى بشأنه، ذلك أن الاتحاد يعد الشريك الاقتصادي الأول لتونس وتربطه بها اتفاقيات اقتصادية قديمة بحكم القرب الجغرافي.