نتنياهو إذ «يَتنبّأ»: مُذكرة «اعتقالي».. ستصدُر «قريباً»؟

محمد خروب

رغم الصفة التي يكاد لا يختلف عليها إثنان, داخل دولة العدو الصهيوني وخصوصاً خارجه وتحديداً معظم قادة دول العالم, الذين إجتمعوا بمُجرم الحرب/نتنياهو أو إلتقوا به, بأنه «كاذّب» ولا يُؤتمن جانبه. لكنه هذه المرّة يبدو «صادقاً», ويُمكن البناء على «المعلومة» التي تولّت صحيفة/يديعوت أحرونوت الصهيونية, نشرها يوم أمس على لسان نتنياهو نفسه, عندما ترأّس إجتماعا طارئاً نقاشَ خلاله مساء أول أمس/الثلاثاء مع وزير العدل/ ياريف ليفين، ووزير الشؤون الاستراتيجية/ رون ديرمر، والنائب العام/ القاضيةغالي باهاراف ميارا، حول إمكان?ة موافقة قضاة المحكمة الجنائية الدولية, على طلب المدعي العام للمحكمة/كريم خان، إصدار مذكرة الاعتقال بحقه. مؤكداً/نتنياهو أن المحكمة «ستُوافق على طلب المدعي العام, وتُصدر أوامر ضده قريباً», وربما «قبل» سفره إلى الولايات المتحدة لإلقاء خطاب أمام مجلِسيّ الكونغرس في 24 تموز المقبل.

وإذ لم تترافق «المعلومة» التي كشفها نتنياهو, مع سلسلة الشتائم والإتّهامات التي يُواظب هو وقادة الكيان العنصري الإستعماري الإحلالي, على توجيهها لأي زعيم دولة أو هيئة إقليمية أو دولية, أو زعيم حزب سياسي أو مؤرخ أو أكاديمي أو منظمات حقوق الإنسان, من قبيل إتهامه بمعاداة للسامية وعارعليك وكاره لليهود, يمس بالدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط,, وخصوصاً جيشها و«سلاحه الأكثرة طهارة» في العالم, والتزاماً بحقوق الإنسان والقانون الدولي بدلالة وجود «محاكم ورجال قانون وحاخامات في دوائره القضائية العسكرية», وسيل?لا ينتهي من الشتائم وشلالات الأكاذيب التي تبرع الدوائر الصهيونية واتباعها في إختراعها, فإن ما أعلنه نتنياهو, يدفع للتساؤل عن سِرّ تأخُر قضاة الجنائية الدولية, في إصدار مذكرات الإعتقال بحق نتنياهو وغالانت, بعد أن كان مُدَّعي عام المحكمة/ كريم خان, طلبَ منهم ذلك في 20 آيار الماضي, في وقت ــ وهذا للمقارنة فحسب ــ أصدر هؤلاء من قبل مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي/بوتبن, وكذلك أصدرت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية/الإثنين الماضي مُذكرتي اعتقال بحق سكرتير مجلس الأمن الروسي/سيرغي شويغو (وزير الدفاع السابق) ورئي? هيئة الأركان العامة الروسية/الجنرال فاليري غيراسيموف. إذ جاء ذلك في بيان أصدرته اللجنة التمهيدية الثانية للمحكمة، مُشيراً إلى أنه في 24 حزيران/ الجاري، أصدرت اللجنة التمهيدية/الثانية للجنائية الدولية, أمرَيّ اعتقال بحق «شخصين» هما سيرغي شويغو وفاليري غيراسيموف في سياق الوضع بأوكرانيا.

لافت أيضاً أن عدد مذكرات الإعتقال لقيادات وشخصيات «روسية» وصلَ حتى الآن إلى «8» مذكرات, تعلّقَ بعضها بنقل أطفال أوكران إلى روسيا, وأخرى بما وصف «مذبحة أُوتشا» حيث زُعِمَ أن عدد الضحايا بلغَ (36), وجاءت مُذكِرتا الإعتقال/أول أمس بحق شويغو وغيراسيموف, لـِ«الاعتقاد» بأن الرجلين مسؤولان عن «ضربات صاروخية شنتها القوات المسلحة الروسية، استهدفت البنية التحتية للكهرباء في أوكرانيا»، بين 10 تشرين الأول 2022 و9 آذار 2023. مشيراً/البيان إلى أنه «خلال هذا الإطار الزمني، نفّذت القوات المسلحة الروسية, عدداً كبيراً من ال?ربات ضد العديد من محطات الطاقة الكهربائية والمحطات الفرعية في مواقع متعددة في أوكرانيا».

في الوقت اته الذي يقارف فيه جيش الفاشية الصهيونية بشراكة أميركية سخِيّة ومُعلنة, حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في وحشيتها وعديد ضحاياها, من الأطفال والنساء والشيوخ, فضلاً عن تدمير البنى التحتية والمشافي والمدارس ومحطات تحلية المياه ومضخات الآبار, والمرافق العامة وكل أسباب الحياة في قطاع غزة المنكوب, ولم يقتصِر طلب كريم خان إصدارمذكرات اعتقال سوى على مُجرِميّ الحرب نتنباهو وغالانت. (إضافة بالطبع إلى ثلاثة من قادة حركة حماس). رغم ذلك فإن ما نقلته «يديعوت أحرونوت» على لسان نتنياهو وتأكيده أن المحكمة «ستوافق على?طلب المدعي العام وتُصدر أوامر ضده قريباً”, وربما قبل سفره إلى الولايات المتحدة, لإلقاء كلمة بالكونغرس في 24 تموز المقبل. مُتابِعاً: «في الواقع، كلما ابتعدتُ عن التاريخ الذي قدّم فيه المدعي العام خان الطلب في 20 آيار، كلما اقتربتْ اللحظة التي من المُفترض أن يُتخذ فيها القرار». يعكس من بين أمور أخرى قلقاً حقيقياً لدى نتنياهو الذي بات يخشى أن «تُنفذ» الدول المُوقِعة على نظام روما الأساسي (عددها 124 دولة) الأمر, وتعتقل أولئك الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال، حيث سيكون/نتنياهو مُهدداً بالتوقيف إذا هبطت طائرته اضطر?رياً في مطار دولة من تلك الدول.

** إستدراك:

من المفيد التذكير بالتحقيق الذي أجرته صحيفة «ذي غارديان» البريطانية, وموقع «سيحا ميكوميت» ومجلة «972+»، شهر آيار الماضي, الذي كشفَ بأن أجهزة الاستخبارات الصهيونية – شعبة الاستخبارات العسكرية، الموساد، الشاباك –، قد تجسّست طوال سنين على موظفين رفيعي المستوى في المحكمة الجنائية الدولية، وجمعت معلومات عنهم وعن علاقاتهم مع فلسطينيين زوّدوا المحكمة بتقارير, حول انتهاك حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أن استخبارات العدو حاولت ممارسة ضغوط على الموظفين, كي يُوقفوا التحقيقات ضد إسرائيل.. واستهدفت عمل?ات التجسس الصهيونية، المُدعية العامة السابقة/ فاتو بنسودة، والمدعي العام الحالي/كريم خان، و«طاقميْهِما».

Exit mobile version