مقالات

واشنطن إذ تعرِض «خريطة بايدن» المُفخّخة.. على مجلس الأمن!

محمد خروب

إصرار الرئيس الأميركي بايدن على عرض «خريطته» (في الوقائع وكما كشفتها وسائل إعلام صهيونية وأخرى أميركية, أنها/الخريطة من بنات «أفكار» مجرم الحرب/ نتنياهو), عرضها كـ«مشروع قرار»على مجلس الأمن الدولي, فيما لم تدّخر إدارته جهدا من أجل شلّ هذا المجلس وإزدراء دوره في حفظ السلم والأمن الدوليين, عبر إستخدام «الفيتو» وتهديد بل إرهاب الدول الأعضاء «العشرة» غير الدائمين في المجلس (دع عنك الجمعية العامة للأمم المتحدة), لعدم التصويت لصالح مشروعات قرارات, دعت الى وقف حرب الإبادة والتجويع والتدمير, التي يشنها التحالف الصهيو أميركي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المنكوب والمحاصَر.

وإذا كان «الأب الروحي» لهذه الخريطة المسربلة بالغموض المقصود بذاته ولذاته, ونقصد نتنياهو, قد أبلغَ إدارة بايدن «مُعارضته» عرضها على مجلس الأمن, خشية «إلزامه» بما ورد من بنود (وهي ثلاثة» على ما كشفَ بايدن عندما تنطح بزهو لإعلانها اول مرة), فإن الدهشة تزول لدى من إطّلع على نصها (وفق ما كشفتها وسائل إعلام أميركية), على نحو بدت لقارئها انها مُفخَّخة, كونها تمنح حكومة النازيين في تل أبيب, هوامش واسعة للتملّص من أي إلتزام جاد, حيث مشروع القرار الأميركي, مليء بالثقوب كما الجبنة السويسرية, فيما «يُكبل» أيدي الطرف الفلسطيني/ حركة حماس, ولا يمنحها في الآن عينه اي فرصة حتى للنقاش.

وإذ لفتَ مراسلو وسائل إعلام مُعتمدون لدى المنظمة الدولية, الى ان أبرز ما في المسودة الأميركية هو, (الغياب الكامل لنص «الاتفاق» أو«الصفقة» أو «الإعلان»). فهي/المسودة الأميركية تطلب من مجلس الأمن المُصادقة على (اتفاق ما) نصه غير مُضاف إلى المشروع كملحق مثلاً. كما نقلت مراسلة صحيفة «العربي الجديد» اللندنية, عن مصدر لم تُسمِّه إطّلع على «المسوّدة» الأميركية, قوله: أن «اللغة الضبابية في المسودة, تشمل استخدام أكثر من كلمة للحديث عن «الاتفاق» و”المقترح»، والأهم أنه (لا يوجد نصّ يُصادق عليه مجلس الأمن لهذا المقترح، ويُطلبُ منه «المُصادقة على اتفاق أو صفقة ما» لم يرَ تفاصيلها، ولم تُعلن الأطراف موافقتها عليها). في الوقت ذاته الذي أشار فيه المصدر ذاته, إلى أن (هناك بعض الدول كسويسرا وسلوفينيا، طلبت إضافة تعديلات حول عدد من الأمور المهمة، من ضمنها لغة واضحة تتضمن حماية المدنيين والمنشآت المدنية، كالمدارس والمستشفيات والعاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنسان، «إلا أن الولايات المتحدة تجاهلت ذلك»، واكتفتْ بالإشارة لـ”قرارات ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ذات الصلة”).

تبقى المفاجأة/ الفخ الأخطر الذي يكشف بل يفضح, الخريطة ويُعرّي من يدافع عنها أو يتبنّاها, هو ما تكشفه التفاصيل التالية: المسودة الأميركية (المعروضة على المجلس حتى الآن وربما تُدخل عليها تعديلات وربما «لا»), أنها «لا» تتحدّث عن انسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، بل «من مناطق مأهولة بالسكان». كما «لا» تتحدث عن عودة «جميع المدنيين إلى بيوتهم»، بل عودة «مدنيّين فلسطينيّين إلى بيوتهم»، مما يترك باب التفسير مفتوحا على مصراعيه. كما «لا» تُطالِب المسودة «الطرفيْن» بقبول المُقترح، بل «تطلبه (فقط) من حركة حماس». فيما تشير إلى أن اقتراح وقف إطلاق النار «يحظى بقبول إسرائيل»، علما ان دولة العدو الصهيوني أعلنت أكثر من مرة عكس ذلك تماما. كما «لا» تشير المسودة إلى (آلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلتهم الدولة العنصرية منذ السابع من أكتوبر، أو (أي صفقة لـ«تبادل الأسرى»), إنما تتحدث «فقط» عن «إطلاق المُحتجزين الصهاينة».

هي إذا لعبة صهيوأميركية غاية في الخبث, تروم التملص من تبِعات حرب الإبادة الحماعية والتجويع والتدمير التي يشنها الشريكان الأميركي والإسرائيلي, في إصرارعلى إجبار العالم للقبول بالسردية العدوانية لهما, ويسعيان بلا كلل لتحميل «الضحية» المسؤولية على النحو الذي كانت الإرهابية غولدا مائير تقوله بوقاحة: من أنها «ترجو العرب ان يتوقفوا عن دعوتهم لنا لقتلهم». وما تستبطنه المسودة الأميركية «الغامضة» المعروضة (حتى الآن) على مجلس الأمن, تشبه تماما قرار مجلس الأمن الدولي الشهير رقم 242 بتاريخ 22/11/ 1967, الذي صيغ بلغة أنجلو ساكسونية خبيثة غامضة, عندما تم حذف «أل» التعريف من النص «الإنجليزي» عندما نص (إنسحاب إسرائيل من «أراضٍ مُحتلّة”)، فيما بقيت/الّ التعريف في النص «الفرنسي» التي تقول: (الإنسحاب الإسرائيلي من «الأراضي المحتلة). والفرق بين النصّيْن كبير وبيّن. بعد ذلك الغموض الإستعماري الخبيث, ضاع «العرب» أو ضُيِّعوا بين أي نص سيتم إعتماده في عواصم الغرب افستعماري الذي يُقدم مصالح الكيان الصهيوني على أي مصالح أخرى,, الى ان غدا قرار 242من الماضي, بعد حرب أكتوبر 1973, والعواصف بل الأعاصير التي إجتاحت المشهد العربي منذ ذلك الزمن حتى الان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى