مقالات

كــورونا تتــوغل

ابراهيم القيسي
حتى هذا الوقت، لا يمكنني الحسم بشأن تقييم إجراءاتنا الوقائية، في التعامل مع جائحة الكورونا، فالخسائر كبيرة، ولا يمكن القول بأنها (بتهون) أمام حياة المواطن، فحياته تعرضت لقصف مركز على هامش الوقاية، وما ارتبط بها من حظر وإغلاق.كورونا اليوم أصبحت على مقربة من الجميع، وفي الأسابيع القليلة الماضية، داهمت كثيرين في محيطي الشخصي، وهذا على سبيل المثال، أي أن الآخرين شعروا مثلي، بأن كثيرين من معارفهم تعرضوا للاصابة، وسمعوا عن حالات وفاة لأشخاص يعرفونهم حق المعرفة، ويمكنني أن أذكر أكثر من خمسة أسماء ممن أعرفهم، توفاهم الله إلى رحمته سبحانه، خلال الأسبوعين الأخيرين، بسبب كورونا، وهذا أسوأ ما كنا نتوقعه من هذه الجائحة، لكن ها هو يحدث، بينما لم نتوقع أن تخرب اعمالنا ونصبح عرضة للطفر وغيره، فهي نتائج بالغة السوء، وقد حدثت فعلا في قطاعات كثيرة، قبل أن تتوغل كورونا إلى هذه الدرجة… وهذه واحدة من الحقائق التي تجعلني أقترب من الجزم بلا مزايدات، بأن إجراءاتنا لم تكن مثالية خلال العام الماضي.نحن الآن أصبحنا في (سنة ثانية كورونا)، ولا يمكننا الادعاء بأن لدينا خبرة (احترافية) لمواجهة الوباء، وديمومة سائر اعمال ودينامية الحياة، فالتعليم على سبيل المثال (وهو اهم من الصحة)، كاد أن يغرب عن الأجيال، وهو الآن في الرمق الأخير بالنسبة لطلبة المدارس، وهذه حقيقة لا يمكن التعامي عنها، وادعاء نقيضها، ولأنني أعتقد جازما بأننا أمام (سنة ثانية كورونا) ستمر علينا بالتمام والكمال، فإن التعامل مع التعليم بنفس الطريقة وللسنة الثانية على التوالي، سيكون إعداما للتعليم وللمستقبل العادي للأجيال التي تعطلت لعامين متتاليين عن التعليم الوجاهي، ولو عزمت الدولة بكل قوتها وإمكانياتها لإعادة التعليم الى (سكته العادية) وهي ما قبل كورونا، لو فعلت بعد عامين على التعليم عن بعد، فلن تتمكن، وهي ربما ستحتاج إلى كوادر اجتماعية وصحة (نفسية)، تبلغ في عددها وعدتها أكثر من الجيش الأبيض الذي (اهترى) من مجابهة جائحة أصبحت على باب كل واحد فينا.. لن تكون العملية سهلة ولا سلسة، وربما غير ممكنة، أعني عودة طبيعية للطلبة يتلقون فيها تعليما وجاهيا، فكيف ستكون العودة طبيعية بعد عامين من الانقطاع الكامل؟! يعني (اللي كان صفه عاشر سيعود مباشرة الى التوجيهي)!!، وهذه حقيقة لم نقف عندها كثيرا، حين أعلنا فزعتنا ضد كورونا، وكانت وما زالت فزعة من طرف واحد، هو رسمي ومسؤول ومستأمن ولا يملك خيارات أخرى، بينما البقية هم متربصون أو مشككون، أو غير مبالين، وآخرون (أكلوا هوا بسبب تداعيات الجائحة وتداعيات الفزعة أيضا)..«والله يا جماعة بدها وقفة تأمل»، وتقييم داخلي منطقي، ونظرة استشراف للعام القادم، وافتراض أسوأ احتمال لمواجهته بدقة وليس مجرد تجريب وانتهازية واستغلال وشراء وقت..ربنا يستر ويحمي الناس والبلاد من كل سوء قادم، وعسانا نفهم هذه الملاحظة، ونتوقف عن العوم منفردين او عكس التيار.
الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى