مقالات

عن عبد الهادي المجالي: الطود الذي طاح

جميل النمري

أكتب عن عبد الهادي المجالي بنيّة تسليط الضوء على ذلك الجانب الذي قد لا تتوقف عنده معظم الكتابات وهو بالنسبة لي ما يجعله الأكثر تميزا وفرادة بين جميع  من تداولوا على المناصب والأدوار العليا العسكرية والمدنية. لقد انفرد أبو سهل بصورة مثيرة للدهشة عن النهج المألوف لدى رؤوساء الحكومات ورؤوساء الاركان والأجهزة الأمنية وكبار الوزراء ورؤساء مجالس نواب والأعيان ومن ماثلهم في المناصب والمسؤوليات انفرد بما جعله ظاهرة مثيرة للدهشة كما سأبين بعد قليل.

ينتمي الباشا عبد الهادي المجالي زمنيا الى الجيل القديم  من المسؤولين فقد ختم مسيرته المهنية الى أعلى مرتبة رئيسا للاركان عام 76. فماذا يبقى بعد ذلك؟ مثل كل رؤساء الاركان السابقين أن يجلس عند قهوته ودلاله وينتظر ان يصبح عينا مثلا. لكن الرجل يبدو كما لوانه يبدأ مرحلة جديدة طازجة كل مرة وبعد ان تولى لفترة منصب السفير الاردني في الولايات المتحدة جاء مديرا للأمن العام ليعلن عن مشروع فلسفة جديدة شاملة للأمن فقاد بكل حيوية جهاز الشرطة التقليدي نحو التحديث والعصرنة. وأذكر بالنسبة لنا ونحن على الضفّة الأخرى من المشهد في المعارضة السياسية السرية عام 1985 أننا قرأنا في مشروع « الأمن الشامل». الذي اطلقه معنى « القمع الشامل « والحق ان ما كنا نراه رجل القبضة الأمنية السلطوية كان شخصية قيادية مجددة.

بعد التحول الديمقراطي عام 89 كان على رأس الشخصيات التي بدأت مرحلة جديدة وتفكيرا وممارسة جديدة. أسس المجالي حزب العهد وفعل كذلك العديد من كبار المسؤولين من المرحلة السابقة وخاضوا الانتخابات النيابية أيضا بإعتبار ان هذه هي ادوات المرحلة الجديدة للوصول الى المناصب والمسؤوليات. لكن الجميع بدأ تدريجيا بالتخلي عن هذا الطريق اذ تأكد ان النظام باق على النهج القديم إلا عبد الهادي المجالي الذي ظلّ يكافح ليس بالدعوة النظرية بل بالممارسة لبناء حزب وطني كبير يطمح ان يكون الحزب الحاكم لمرحلة الديمقراطية الناشئة، حيث يتحقق التداول السياسي الحزبي على السلطة التنفيذية. وكان المبادر والقائد لعملية توحيد ما اطلق عليه الأحزاب الوطنية وأوصل زملاءه من كبار المسؤولين المعروفين للاجتماع تحت سقف واحد واطلاق «الحزب الوطني الدستوري».. لكن الأغلبية لم تلبث ان خذلته ومضى كل في سبيله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى