مقالات

الحق على “المستهلك”!

عوني الداوود

في كل موسم يتكرّر المشهد ..فقبل أسبوع على بدء الشهر الفضيل، وبعد أيام معدودات من الشهر الفضيل ترتفع الاصوات هنا وهناك تشكو ارتفاع أسعار عدد من السلع الاستهلاكية -الغذائية بالتأكيد- وتحديدا اللحوم والدواجن ..ونرصد – بحكم عملنا الصحفي- تكرار التصريحات التي تكاد تكون نفسها من تراشق الاتهامات بين تجار ومستهلكين..ونغفل على الاغلب دور «المستهلك»- بكسراللاّم – بالتسبب أحيانا بارتفاع أسعار بعض السلع من حيث يدري أو لا يدري.

أسعار السلع تحددها عدة عوامل وفي مقدمتها ( العرض والطلب) والتهافت على سلع بعينها من المؤكد انه سيؤدي لرفع اسعارها دون غيرها..وسأضرب على ذلك عدة أمثلة:

– قبل شهر رمضان بأسبوع تقريبا، غالبا ما ترتفع اسعار الدجاج، وأحد اهم الاسباب هو الاقبال الكبير على شراء كميات وتخزينها خشية نقص هذه المادة المطلوبة بكثرة على موائد الاردنيين الرمضانية، مما يؤدي بالفعل الى نقص الدجاج في كثير من المولات، وخلو الأرفف من هذه السلعة ليلة رمضان على الخصوص!

-المشكلة هنا أن الدجاج هو الدجاج ولا تنوع كبيرا في أصنافه بل في أوزانه، وزيادة الطلب تؤدي لارتفاع أسعاره، علاوة على الاسباب الاخرى التي يذكرها التجار ومنها ارتفاع كلف الانتاج من اسمدة واعلاف وكهرباء للتدفئة وغير ذلك.

-ارتفاع اسعار الخضروات تحديدا في اول أيام شهر رمضان المبارك أيضا لكثرة الاقبال ومضاعفته -وتذكروا مشهد ما قبل الافطار من اقبال غير معقول على كل ما هو أخضر على يمين الطرقات وشمالها، ناهيك عن محلات الخضروات.

-اللحوم كذلك..هناك زيادة في الطلب عليها، ليس فقط من المستهلكين الافراد والعائلات، بل من المطاعم والفنادق حيث هناك زيادة في الطلب للافطارات الرمضانية ..وغيرها – وهذا ينطبق بالمناسبة على الدجاج حيث يتم استهلاك كميات كبيرة للفنادق والمطاعم وباسعار جملة تكون غالبا باتفاقيات على حساب المستهلك العادي..لان شركات الدواجن تقدّم المطاعم والفنادق في اولوياتها على باقي المستهلكين (لارتفاع حجم الطلب واجمالي المبالغ المدفوعة) -كما حدث سابقا!

-هناك أصناف وسلع رمضانية يزداد الطلب عليها، لكن لا أحد يشكو ارتفاع اسعارها، وذلك نظرا لتوفرعدة اصناف وباسعار متدنية ومتوسطة ومرتفعة ومنها (التمور والارز).

-حتى السلع التي لا تكاد تباع الا في رمضان ومنها (الجوز واللوز وجوز الهند -مستلزمات القطايف – باستثناء الجبنة) كلها متوفرة باصناف مختلفة ومنوعة وباسعارمختلفة.

خلاصة القول: ان جزءا كبيرا من ارتفاع الاسعار -حيثما وجد -وبعيدا عن كل ما نتحدث به كمعنيين بالشأن الاقتصادي من ارتفاع كلف التصديروتقطع سلاسل التوريد وكلف التأمين والشحن وقلة الانتاج عالميا بسبب الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وسيول وجفاف وغير ذلك – وكل ذلك صحيح -الا ان كثيرا من السلع الاستهلاكية لا علاقة لها بكل تلك المبررات، لكن رمضان يشكّل موسما لتجار يحق لهم ان يربحوا- ولذلك هم تجار- كما يشكل الحج موسما لتجارات معينة اخرى ..وغيرها من»المواسم الدينية والوطنية والاجتماعية ..الخ «، ولكننا نطالب دائما بان يكون كل ذلك كما نقول بالعامية (بحق الله).

اضف الى ذلك ان علينا كمستهلكين أن نحسن التصرف وادارة الامور- ولو من باب الخبرة المتراكمة عبر المواسم الرمضانية- فلا نكرّرالاخطاء و الشكوى، ونحن قادرون على تجنّب كل ذلك بالاعتدال في الاستهلاك والشراء دون التكالب على الاسواق كمن يخشى «المجاعة» في الشهر الفضيل ..(وانظروا طوابير القطايف أمام المخابز قبل ساعة من افطاراليوم الاول تحديدا حيث تكثرالمشاكل الى حد الاقتتال على نصف كيلو قطايف – للاسف الشديد).

ما هكذا شهر رمضان ولم يفرض الصوم الا للعبادة والعبرة والاعتدال في كل شيء ..والحمد لله ..كل شيء موجود ومتوفر وأرفف الاسواق والمولات، وحتى مخازن التجار يتوفر فيها كل ما نحتاجه ..والصنف الذي تجد سعره مرتفعا في مكان يكون منخفضا عند آخرين .(منذ اسابيع – وبحسب ما نشرته وكالات انباء عالمية – أعلنت بعض المتاجر الكبرى في بريطانيا فرض قيود على مشتريات المتسوقين من بعض الفاكهة والخضروات بسبب تحديات التوريد الناجمة عن الاحوال الجوية في جنوب اوروبا وشمال افريقيا وبواقع فرض حد مؤقت بثلاث حبات من كل منتج حتى يتمكن العملاء من الحصول على المنتجات وهذا يشمل: الطماطم والخيار والفليفلة والخس والقرنبيط والتوت..الخ)..(3 حبات مش 3 كيلو)؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى