فلسطين

تقرير: حكومة المتطرفين في إسرائيل تغذي عنف المستوطنين في الضفة

أخبار حياة – قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور إن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل باتت في قلب زيادة العنف.

وأضاف: “عندما نواجَه بمشاهد الدم والدمار في إسرائيل والمناطق الفلسطينية، عادة ما نميل للحديث عن “دوامة العنف”، وهنا، فإن حالة العداء المتمكّن والضرورات الوجودية التي تدفع العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي قوية وتخلق منطقها القاتل، أي مسلسل من الأعمال الوحشية الذي يعود إلى قرن”.

لكن السلسلة طالت هذا الأسبوع، عندما نزلت مجموعة من المستوطنين المتشددين إلى مدينة حوارة، يوم الأحد، وقامت بعملية “هيجان” مدمر، وحرقت عشرات البيوت والسيارات. ووصف بعض المعلقين في إسرائيل المداهمة بأنها “بوغروم” (إبادة) قتل فيها على الأقل فلسطيني واحد (سامح الأقطش، 37 عاماً)، العائد للتو من تركيا، حيث تطوع في مهام الإغاثة لمنكوبي الزلزال هناك، إلى جانب مئات المصابين، وخلّفت مجتمعاً بكامله مصدوماً.

وتم تصوير الهجوم الذي قام به المستوطنون بأنه انتقام بعد قتل مسلح فلسطيني مستوطنين كانا يعيشان في مستوطنة قريبة من حوارة. وكان الهجوم هذا، وعلى الأرجح، انتقاماً للمداهمة الإسرائيلية لمدينة نابلس، في الأسبوع الماضي، وقتل فيها 11 فلسطينياً، ضمّوا مدنيين ومسلحين. وفي يوم الإثنين، ذكرت تقارير عن حادث إطلاق نار جديد في الضفة الغربية “تدور العجلات الدموية ودوامة العنف تستمر”. إلا أن هذا المنطق يختفي وراء القوى التي تقف وراء العنف. فقد زاد العنف بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بداية العام الحالي. وهناك موجة من التشدد المسلح تنتشر في داخل الضفة الغربية، والتي يقول المحللون إنها ناجمة عن الغضب من الاحتلال العسكري الإسرائيلي وعنف المستوطنين، وكذا خيبة الأمل من الوضع السياسي الراهن، والسلطة الوطنية التي فقدت شعبيتها.

وجاء في بيان لمنبر السياسة الإسرائيلي، الذي يعبّر عن تيار الوسط، أن العنف في حوارة هو “تذكير متوقع من الأحداث على الأرض تخرج عن السيطرة، وستظل ما دام لم يحدث أي تغيير حقيقي”.

ووصف مسؤولو الأمن الإسرائيلي الهجوم على حوارة بالإرهاب، ومع ذلك لم يتم اعتقال أحد بعد 24 ساعة على الحادث، وأفرجت الشرطة الإسرائيلية عن ستة من ثمانية أشخاص اعتقلوا. وأشار المراقبون الفلسطينيون والإسرائيليون لدور الجيش الإسرائيلي الذي حرف نظره، في وقت مضى فيه المستوطنون في عمليات الحرق والدمار والتكسير. وبحسب مجلة +792، وهي مجلة يسارية إسرائيلية، فقد قال شهود عيان في حوارة إن القوات الإسرائيلية سمحت للمستوطنين بدخول البلدة “مشياً، ومنعوا الصحافيين ورجال الإسعاف وطواقم العناية الطبية من الدخول بالمثل”. وقال رافات عامر (47 عاماً) للصحيفة: “بالطبع سيعودون، ولكن ماذا بيدنا!”، و”يمكننا إلقاء الحجارة عليهم، لكن الجيش يطلق النار علينا”.

ويبدو أنه لا توجد فجوة كبيرة بين المستوطنين المتطرفين “فيجالنتيز” ورموز حكومة بنيامين نتنياهو وتحالفه الحاكم، الذي يعتمد على الدعم من المتطرفين المؤيدين للاستيطان، ووضع أجندة تضم عمليات ضم جديدة للأراضي الفلسطينية، وتشريعات تضعف من حقوق غير اليهود. ووصل وزير الأمن، إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سمورتريش، بسجل واضح وطويل في معاداة الفلسطينيين، والتزام بدعم السياسات المتطرفة لجماعاتهم في الضفة الغربية. وطالما انتقدا حكومة البلاد بأنها ليست متشددة في التعامل مع الفلسطينيين.

وقال عضو الكنيست القريب من إيتمار، تزيفكا فوغل، إن “العقوبات الجماعية مناسبة”، مضيفاً أن حوارة مغلقة ومحروقة هو ما يريد رؤيته. وخطاب كهذا يؤكد على الواقع المتشدد في إسرائيل.

ونشرت جماعة حقوق الإنسان “بتسليم”: “قام نظام التفوق العنصري اليهودي بإبادة في قرية حول نابلس، يوم أمس، وليست هذه “خسارة في السيطرة”، فهي بالضبط السيطرة التي تريدها إسرائيل”. و “يقوم المستوطنون بهجوم بتأمين من الجيش ودعم من الساسة، وهذا تعاون”. ويتهم المراقبون للشأن الفلسطيني الحكومة والجيش والمستوطنين بتصعيد العنف عبر التوغلات اليومية وهدم البيوت والقيود على المعتقلين الفلسطينيين.

وقال المحلل والكاتب محمود شحادة: “سيعطي العنف غير المتناسب والقوة المفرطة مصداقية للأفعال الفلسطينية المسلحة كوسيلة للانتقام لقتلاهم ومنع قتل جديد”، وذلك “لأن التصعيد هو الهدف”.

وقال داوود كتاب، الكاتب الفلسطيني: “ربما قبل الناس الاحتلال لمدة، لكنهم لن يوافقوا عليه للأبد”. و”عندما داهم الإسرائيليون جنين في الفترة الأخيرة، وقتلوا عشرة، من بينهم رجل مسن، فماذا كانوا يتوقعون؟ وعندما أعطيت الأوامر لمداهمة أكبر مدينة في الضفة الغربية، ماذا كانوا يتوقعون؟”.

وأشار الكاتب إلى بيان العقبة، حيث اجتمع الإسرائيليون والفلسطينيون لأول مرة، وكيف رفض بن غفير وسموتريتش تجميد الاستيطان، وحتى نتنياهو الذي تراجع عن البيان. ويقول إن إدارة بايدن حاولت التعامل مع نتنياهو بدون محاسبة حلفائه المتطرفين. وربما بدا هذا النهج صعباً وسط عدم قبول الوضع وزيادة التوتر. وقد تظهر دول طبّعت مع إسرائيل مخاوف من التوتر في الضفة بشكل يؤثر على العلاقات الدافئة.

وقالت أليسا بافيا، من المجلس الأطلنطي: “بدون قراءة فنجان الشاي، ربما تمكن نتنياهو من تطبيع العلاقات مع السعودية بدون حل الدولتين”، و”لكن تصرفات وزرائه المتطرفين وقمعه للفلسطينيين قد تدفع الدول العربية بعيداً عن التطبيع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى