مشاهد صادمة توثق جفاف مساحات شاسعة من نهري دجلة والفرات
أخبار حياة– وثّقت مقاطع فيديو مشاهد صادمة تظهر جفاف مساحات شاسعة من نهري دجلة والفرات في مدن جنوبي العراق، حتى بات القاع ظاهرًا ويرى بالعين المجردة في محافظتي ذي قار وميسان.
ورصد مواطنون تراجع منسوب نهر دجلة في محافظة ميسان جنوبي العراق إلى حد غير مسبوق، مع ترسب الأملاح والأتربة في قاعه، بمشهد أثار قلقا من تفاقم الأزمة خلال فصل الصيف المقبل باعتبار أن الأزمة المتكررة بدأت مبكرا هذا العام
وأظهرت صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، عبور مجموعة من المواطنين نهر دجلة في محافظة ميسان سيرا على الأقدام وممارسة ألعاب رياضية في قاع النهر الذي ظهر بسبب موجة الجفاف.
وفي محافظة ذي قار، أظهر فيديو جفاف نهر دجلة وتحديدا من الجهة التي تربط قضاءين زراعيين ببعضهما، حيث وثق المقطع ظهور دعامات الجسر الرابط بينهما.
في الأثناء، ذكرت وزارة الموارد المائية العراقية أن وزيرها عون ذياب حضر اجتماعا موسعا لمناقشة تداعيات ملف المياه والمشكلات الناجمة عن شح المياه والتغييرات المناخية، ترأسه رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وشارك فيه عدد من ممثلي الأمم المتحدة والبنك الدولي وبعض السفراء في العراق.
وأكدت الوزارة أن الرئيس العراقي شدد على ضرورة اعتماد الإجراءات التنفيذية الفاعلة والتشريعات الضرورية المُلزمة لحماية الأمن المائي والزراعي مع فتح حوار عملي مع دول الجوار بهذا الشأن.
بدوره، قال وزير الموارد المائية عون ذياب إن العراق توصّل إلى تفاهم خلال اجتماع عُقد مع وزير الطاقة الإيراني علي أكبر محرابيان حول تبادل المعلومات ونصب محطات قياس على الأنهر الحدودية المشتركة بين البلدين.
من جهتها، حذرت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية من خطورة الوضع المائي في العراق، مطالبة الحكومة بتدويل الأزمة وحلها وديًّا وبالطرق الدبلوماسية مع دول المنبع “تركيا وإيران”.
وانتقد خبير الموارد المائية تحسين الموسوي في لقاء متلفز تعامل الحكومة العراقية مع أزمة المياه وعدم إيلاء الملف أولوية لدى الحكومات المتعاقبة وسط تفاقم خطورة الأزمة إلى هذا الحد الذي وصفه بالمفجع، محذرا في الوقت ذاته من تحول نهري دجلة والفرات إلى قنوات مائية، جراء سياسة دول المنبع تجاه العراق.
في السياق، قال خبير الأرصاد الجوية صادق عطية عبر حسابه في فيسبوك، إن “شح مياه نهري دجلة والفرات وجفاف أغلب روافدهما تنذر بموسم صيف هو الأشد جفافا حسب المعطيات الحالية”، مضيفا أن “ما تبقى من موسم الأمطار لن يكون كافيا لإغناء منسوب النهرين أو بحيرات الخزن والسدود”.
ويعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، خصوصا بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف 50 درجة مئوية.
وقد بدأت انعكاسات ذلك تتجلّى في مفاصل عدة، مثل التراجع في زراعة القمح وأرز العنبر، وجفاف بعض البحيرات بسبب قلة الإمدادات المائية والأمطار، والعواصف الترابية المتكررة.
ويبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب.
ويقدّر خبراء كمية خزين المياه في العراق بأقل من 5 مليارات متر مكعب، منها 3 مليارات هي خزين ميت لا يستفاد منه، والخزن الحي المستخدم هو ملياران فقط، لكن العراق لجأ إلى استخدام الخزين الميت من بحيرة الثرثار، باستخدام مضخات عائمة تضخ هذه المياه وهي مياه مالحة وملوثة لا تصلح للزراعة.
ويعاني سد حديثة وبحيرة الثرثار من مشكلة التبخر التي تُفقد العراق 10 مليارات متر مكعب من المياه بسببها سنويا، وهو ما يعادل ثلث الموارد المائية البالغة نحو 34 مليار متر مكعب.
ووفقا لتوقعات “مؤشر الإجهاد المائي”، فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، وتضيف الدراسة أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.