بيت حواء

متطوعات الخوذ البيضاء.. هكذا ساهمت المرأة السورية في جهود إنقاذ منكوبي الزلزال

أخبار حياة- رغم مرور أكثر من أسبوعين على كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمالي سوريا، فإن المتطوعة في الدفاع المدني السوري نوال الجاسم لا تزال تعيش حالة صدمة نفسية بسبب ما شهدته من أهوال ومآس حلت بالمدنيين خلال مشاركتها في عمليات الإنقاذ في ريف إدلب.

وتعود نوال (29 عاما) بذاكرتها إلى فجر السادس من فبراير/شباط الجاري عندما ضرب الزلزال المدمر شمالي سوريا، عندها كان لمتطوعات الدفاع المدني السوري دور بارز في مساندة المتطوعين الرجال لمواجهة كارثة فاقت كل القدرات الممكنة.

صعوبة الإنقاذ

وتقول نوال الجاسم إنها اجتمعت مع مسعفات أخريات في المركز عقب حدوث الزلزال للتوجه لإنقاذ المدنيين في بلدة بسنية بريف إدلب، مضيفة أنها لم تكن تتخيل هي وزملاؤها أن عمليات الإنقاذ ستكون بالصعوبة التي واجهتهم، حيث تبين أن حجم الكارثة أكبر من طاقاتهم وإمكانياتهم المتواضعة.

وتروي نوال -في حديث للجزيرة نت- كيف كانت قلوب فرق الدفاع المدني تعتصر ألما مع كل جثة طفل وامرأة يتم انتشالها من تحت ركام المنازل، حيث كانت الأمنيات هي الوصول إلى الأحياء العالقين تحت طبقات البيوت المنهارة، وكان الأهم مراقبة نبض المنتشلين.

وتشير المتطوعة في الدفاع المدني السوري إلى أنها ورفاقها لم يعرفوا طعم الراحة، وكانوا يشعرون بأن أي توقف من أجل استراحة سوف يكون على حساب روح تنتظر إنقاذها من باطن أرتال الدمار.

معظم المتطوعات أصبن بصدمة نفسية بفعل الكارثة الإنسانية التي واجهت متطوعي الدفاع المدني السوري (الجزيرة)

دمعة وابتسامة

وفي خضم عمليات الإنقاذ والحفر في ريف إدلب، تذكر نوال الجاسم لحظة سماع المنقذين صوت طفلة صغيرة تستغيث من تحت الأنقاض، قبل أن يركضوا سريعا إلى مصدر الصوت، ليتبين لاحقا أن هناك أحياء آخرين عالقين تحت الركام.

ومع تكثيف عمليات الحفر من قبل المتطوعين والمتطوعات في منطقة مصدر الصوت، نجح الدفاع المدني بعد جهود مضنية في انتشال أسرة كاملة من تحت الأنقاض مؤلفة من أب وأم وولد وبنتين، حينها كان الحدث دافعا للاستمرار في البحث عن ناجين آخرين.

وتصف نوال الحالة التي عاشها الفريق أثناء إنقاذ هذه الأسرة بأنها شعور مختلط بين الحزن والفرح، اختلطت فيه الضحكات والدموع، مؤكدة أنها لا يمكن أن تنسى منظر الطفلة التي خرجت ضاحكة من أسفل ركام المنازل المنهارة بفعل الزلزال.

وعن أكثر المواقف التي أثرت فيها خلال عمليات الاستجابة في الزلزال، تشير المتطوعة السورية إلى مشهد قاس لأم انتشلت من تحت أنقاض 3 طوابق وهي تحتضن ابنتها قبل أن تفارقا الحياة على وقع الانهيار المفاجئ للجدران والأسقف.

وحتى هذه اللحظات لا تستطيع المتطوعة الشابة النوم وتناول الطعام كما في السابق جراء ما تعرضت له من مشاهد وتجارب قاسية، تؤكد أنها أقسى وأشد إيلاما من كل ما حضرته من مآسي الحرب السورية.

كان للمتطوعات دور كبير في إسعاف الجرحى والمصابين جراء الزلزال شمالي سوريا (الجزيرة)

مخاوف ومسؤولية

وليس بعيدا عن منطقة عمل المتطوعة نوال الجاسم، كانت زميلتها في الدفاع المدني السوري سريا تمر تضطلع بمهمة إيصال أسطوانات الأكسجين للأحياء العالقين تحت الأنقاض بهدف بقائهم على قيد الحياة، في عملية معقدة وطويلة تستوجب جهودا كبيرة.

وتقول تمر (24 عاما) إنها عملت خلال الأيام الأولى للزلزال على تقديم الإسعافات الأولية للمنتشلين الأحياء من تحت الأنقاض داخل سيارات الإسعاف المرافقة لفرق الإنقاذ في مناطق المنازل المدمرة، قبل نقل المصابين إلى أقرب مستشفى.

وتشير المتطوعة -في حديث للجزيرة نت- إلى أنها كانت تعيش حالة صعبة تمثلت في تحمل المسؤولية ضمن فرق الدفاع المدني في ظل المخاوف التي كانت تشعر بها على أسرتها خلال الهزات الارتدادية التي كانت تضرب شمالي غربي سوريا أثناء عملها خارج المنزل.

وترى سرايا تمر أن أصعب ما مرت به أيضا خلال عمليات الإنقاذ في الزلزال أسئلة الأمهات عن مصير أطفالهن المفقودين تحت الأنقاض، مؤكدة أنها كانت تغالب الدموع، وتطلب من الأهالي الدعاء والانتظار لحين الوصول إلى العالقين.

-الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى