مقالات

رحل الصحفي النبيل الشريف

ما زالت كورونا تضرب بلا رحمة، كوحش، متعطش لأرواح الأبرياء، وأصبح الموت والفقدان خبرا عاديا، وضاقت اوقاتنا حتى عن مجرد كتابة رسالة قصيرة لتقديم العزاء لذوي المتوفين.. من كان يتوقع؟!.

ومن كان يتوقع أن يد المنون ستمتد لتطال من نعرفهم، ولا ندعي بأنها تستثنينا او تستثني أحدا.. 

أمس أيضا، هزنا خبر وفاة أحد أساتذتنا المشهود لهم بالمهنية، والموسوعية، وقبلهما بنبل الأخلاق ورقيها، معالي الأستاذ نبيل محمود الشريف، الصحفي ورئيس تحرير «الدستور» الأسبق، والوزير صاحب الرؤية، أحد أهم الأسماء الصحفية في السنوات الثلاثين الأخيرة.. نسمع خبر وفاته بكورونا وعلى الرغم من أن نبأ الموت بها أصبح عاديا، إلا أنه موجع بالنسبة لأستاذ عرفناه، وتعاملنا معه، وكان نبيل المواقف والأخلاق، وتربطنا به علاقات صداقة فوق الزمالة.

صيف عام 2005، كان أول اتصال هاتفي بيني وبين رئيس الدكتور نبيل الشريف، يدعوني خلاله لزيارته في جريدة الدستور، ورحب بي لكتابة مقالة في قضايا وآراء الدستور، وبعد عام على انضمامي لكتاب مقالاتها، عرض علي أن ألج عالم الصحافة كمحرر إضافة لكتابة المقالة، ولم أكن أرغب آنذاك بأن أصبح صحفيا وعضوا في نقابة الصحفيين، بل إنني لم أكن أحب أن أكون صحفيا، وكنت قد تلقيت مثل هذه الدعوة لولوج الصحافة كمحرر ثم عضو في النقابة، من خلال الأستاذ رياض الحروب نهاية التسعينات، حين كنت اكتب للعرب اليوم كتابة (مناسباتية)، ثم بعد سنوات (وتحت وطأة ظروف مالية)، أصبحت الكتابة احترافية، أتلقى عليها مالا في العرب اليوم نفسها، حتى صيف 2005، قلت للدكتور نبيل الشريف آنذاك بأنني لم أتفاعل مع هذا العرض قبل سنوات، ولن أصبح صحفيا، ثم هاتفني بعد عدة أشهر ثالثة، ومع نهاية 2007 أصبحت محررا في الدستور، وولجت عالم الصحافة كمهنة، وتحت وطأة الضغوط ذاتها، وبعد سنوات فهمت سبب حرص الدكتور نبيل أن أصبح صحفيا، لكنه كان لديه وجهة نظر ما، حول الخطوات المنطقية المطلوبة، للتقدم في هذا المجال، وهي التي جعلتني أتحفظ من جديد على المهنة، وحين أصبح الدكتور نبيل الشريف عضوا في حكومة سمير الرفاعي، وترك رئاسة التحرير للأستاذ محمد التل، الذي كانت له وجهة نظر أخرى في هذه الخطوات، فعلمت بأنني طالب في مدرستين صحفيتين في الوقت نفسه، اخترت الثانية مع محمد التل لأنها كانت الأقرب لطموحي المتواضع أصلا..

حين نختلف مع الزملاء على طروحات الأشخاص وأفكارهم المهنية، كان بعضنا يغضب ويتمترس خلف رأيه رافضا كل فكرة مغايرة، لكنني كنت أحفظ ودّ الأساتذة الكبار الآخرين، وكنت أعتبر د نبيل الشريف من أصحاب الفضل عليّ في هذه المهنة، عاملني بأستاذية أجلها، وسمى بأخلاقه فوق كل من عرفت، ولم يتنازل عن رقيّ ورفعة أخلاقه وقناعاته المهنية، فكان ثابتا وراسخا في المهنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى