اقتصادالرئيسية

وزير المالية: موازنة 2023 أظهرت واقع الخزينة على ‏حقيقته

أخبار حياة – – قال وزير المالية، الدكتور محمد العسعس، إنه بالرغم من التحديات والمصاعب فإن اقتصادنا الوطني سيسجل نسب نمو إيجابية لن تقل عن 2.7 بالمئة، والمحافظة على مستويات تضخم بحدود 4 بالمئة.
وأضاف، خلال رده على مناقشات النواب لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023، أن نمو الصادرات الوطنية وتدفق الاستثمارات الأجنبية سيشكل حجر الزاوية في سياستنا الاقتصادية، والتي يوازيها نجاح السياسة النقدية في المحافظة على استقرار الدينار الأردني وتعزيز جاذبيته، والمحافظة على المستوى المرتفع من الاحتياطيات من العملات الأجنبية، بما يفضي إلى تعزيز الاستقرار النقدي الذي يعتبر ركنا أساسيا لتعزيز البيئة الاستثمارية، وزيادة الثقة بالاقتصاد الوطني.
وأكد حرص الحكومة على تنفيذ ما أمكن من المطالب النيابية دون المساس بالاستقرار المالي ورفع العبء الضريبي على المواطن.
وأشار إلى أن موازنة العام الحالي، كباقي الموازنات التي قدمتها، موازنة واقعية علمية أظهرت الواقع المالي للخزينة على حقيقته، حتى لا تضطر الحكومة في منتصف العام إلى إجراءات عشوائية تضر بالاقتصاد الوطني عندما تظهر الفجوة بين التوقعات المستندة إلى الأماني (لا الاستشراف العلمي) وبين الواقع، وهي أيضا موازنة لم تتضمن أي إجراءات تجميلية غير حقيقية للإيرادات والنفقات، كما لم تتضمن أي إجراءات تسكينية آنية تستنزف الإمكانات والموارد على نحو غير مستدام.
وأضاف أنها موازنة سعت الحكومة من خلالها إلى تحقيق جملة من الأهداف بشكل مرحلي تدريجي حتى لا تظهر تداعيات سلبية على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فسعت إلى الحفاظ على الاستقرار المالي الذي يعتبر القاعدة المتينة لأي تحسن مستدام في دخول المواطنين ومستوى معيشتهم، وحرصت على توجيه الموارد نحو تعزيز الإنفاق الرأسمالي وعدد من الأولويات دون اللجوء إلى إثقال كاهل المواطنين بأي أعباء ضريبية أو جمركية جديدة أو زيادة المستويات الحالية.
وقال إنه في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة نهجها الإصلاحي بتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز نسب الامتثال وإرغام المتهربين على الوقوف في صف الوطن والمواطن، فإنه لم يعد من المقبول ولا بالإمكان استمرار النهج الذي يحمل المواطن والمستثمر الملتزم تداعيات تهرب البعض وتجنب البعض الآخر، ولتتمكن الحكومة وفقا لذلك كله من تحقيق الخفض التدريجي لعجز الموازنة والدين العام، بما يضمن في ذات الوقت استمرار وتيرة النشاط الاقتصادي وعدم الإضرار بفرص النمو وتعزيز خلق الوظائف.
وأشار إلى توافق الحكومة مع النواب بشأن خطورة التحديات والاختلالات، مؤكدا أن هذه التحديات والاختلالات قد تفاقمت خلال السنوات الماضية لأسباب تفاقمت خلال العقد الماضي، منها ما لا تتحمل الحكومات الأردنية المتعاقبة مسؤوليتها، وكانت جراء تداعيات الأزمات المالية والاقتصادية العالمية ولم تسلم منها على الغالب باقي دول العالم.
في حين أن بعض التحديات تفاقمت جراء التأخر أو التأجيل في المعالجة الحصيفة للاختلالات الهيكلية والتي كان لها آثار سلبية إضافية على أداء اقتصادنا الوطني، وبالتالي على وضع المالية العامة، حيث أبت هذه الحكومة ترحيل معالجة هذه الاختلالات.
وأوضح بأن المعايير الدولية تعتمد قياس عجز الموازنة والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي ضوء ذلك، فإننا نؤكد على تراجع عجز الموازنة والدين العام كنسبة من الناتج خلال سنوات عمل هذه الحكومة.
ولفت إلى أهم أهداف الموازنة المتمثلة في التعامل باقتدار مع التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وما يواجهه المواطنون من صعوبات في حياتهم المعيشية اليومية، وعلى نحو يفضي إلى استعادة التوازن للمالية العامة وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذات وتسريع عجلة النمو الاقتصادي، لافتاً إلى أن ما حققه الأردن على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلي في ظل الظروف العصيبة يدعو للتفاؤل، خاصة إذا أمعنا النظر في التأثيرات السلبية لهذه الظروف التي مرت وما زال العالم كله يمر بها وماتزال حدة تأثيراتها متسارعة على المستوى المعيشي للسكان.
وقال من المهم أن أشير إلى أن الهدف الذي يتصدر اهتمام السياسات الحكومية في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية العالمية المضطربة هو حماية المستوى المعيشي للمواطنين من التراجع، حيث تتفاقم التحديات الاقتصادية على نحو لم تتمكن فيه العديد من حكومات الدول الأخرى من حماية مواطنيها من تآكل الدخول وتدهور القوة الشرائية.
وفي الواقع، فإن أساس نجاح هذه الحكومة في الحفاظ على المستوى المعيشي وحماية القوة الشرائية للمواطنين من التدهور يتمثل في السياسات الحصيفة التي تبتعد عن الأهداف الاسترضائية المرحلية قصيرة المدى، فضلا عن الاستناد إلى إجراءات تحفظ استقرار اقتصادنا الوطني وتحتوي التضخم في الأسعار وتهدف إلى تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، في الوقت الذي تركز فيه أيضا على تحفيز النمو الاقتصادي باعتباره الركيزة الأساسية لمعالجة التحديات الاقتصادية وإيجاد فرص العمل.
وتابع أن نتائج رفع التصنيف الائتماني للأردن من قبل المؤسسات الدولية المختصة ونتائج مراجعات بعثات صندوق النقد الدولي تعتبر بمثابة شهادة وتأكيد على نجاح السياسات والإجراءات الحكومية في كبح جماح التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي في الأردن.
وبين أنه إذا كان أداء اقتصادنا الوطني أفضل نسبيا مقارنة بأداء العديد من اقتصادات الدول، وخاصة في المنطقة وفقا للمؤسسات الدولية، فلا يعني ذلك أن الأداء كان بمستوى الطموحات على الإطلاق، وخاصة عند الحديث عن مستوى البطالة الذي لم يبلغ مستواه المرتفع في العامين الأخيرين منذ عقود طويلة من الزمن.
وعرض للسياسة المالية للحكومة في موازنة عام 2023 التي ترتكز إلى الخفض التدريجي للدين العام وعجز الموازنة العامة، وترشيد النفقات العامة، إذ ستواصل الحكومة إدارة الدين العام بما يفضي إلى تخفيض نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي الإجمالي بعد استثناء ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي إلى نحو 84.2 بالمئة في عام 2025. كما ستواصل الحكومة تعزيز كفاءة تحصيل الإيرادات والحد من التهرب الضريبي والجمركي، ومثل هذه النتائج الإيجابية التي يصعب تحقيقها في مثل تلك الظروف العالمية الصعبة لم تكن لتتحقق لولا الإجراءات المالية والاقتصادية الإصلاحية التي تبنتها الحكومة ضمن برنامجها.
وأكد أن عجز الموازنة الأولي (الذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنيا منها خدمة الدين العام) سيتراجع وللسنة الثالثة على التوالي في عام 2023 إلى نحو 2.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وصولا إلى نحو 0.9 بالمئة في عام 2025.
وسيكون لهذه السياسة المالية الأثر الواضح في تعزيز الاستقلال المالي والاعتماد على الذات، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية إلى نحو 89.1 بالمئة في عام 2023 مقارنة بنحو 87.5 بالمئة في عام 2022 ولتواصل ارتفاعها التدريجي إلى نحو 91.8 بالمئة في عام 2025. وهذا من شأنه أن يعزز السياج الذي يحمي الموازنة العامة واقتصادنا الوطني من الصدمات الخارجية ويمكن الحكومة من التصدي للتحديات التي لا زالت تواجهنا بكفاءة واقتدار، ويساهم في تمتين استقرار الاقتصاد وتعزيز نموه.
وبين أن الحكومة لم تأل جهدا في تقديم برامج المساعدة للمحتاجين والمستحقين من ذوي الدخل المحدود والفئات الأشد ضعفا والأكثر تأثرا بتداعيات الأزمات لتمكينهم من تحمل الأوضاع المعيشية الصعبة، حيث قامت الحكومة بزيادة الإنفاق على شبكة الحماية الاجتماعية بجميع مكوناتها، ومراعاة تداعيات الارتفاعات العالمية في أسعار النفط على المواطنين حيث قامت بتثبيت أسعار المحروقات لجزء من عام 2022 وتوفير المخصصات المالية لتغطية تكلفة ذلك على الرغم مما يمثله من عبء كبير على الموازنة العامة والتزامات الحكومة في برنامجها للإصلاح المالي والاقتصادي، إضافة إلى القيام بكل ما أمكن لضمان الاستقرار النسبي في أسعار السلع المهمة من خلال تعزيز منظومة الأمن الغذائي والحفاظ على المخزون الإستراتيجي من السلع والمواد الأساسية، وزيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية/ الدعم النقدي الموحد، وتحسين إجراءات إيصال الدعم لمستحقيه، وزيادة مخصصات دعم التعليم الجامعي لأبنائنا غير المقتدرين ليصار إلى استيعاب الطلبات التي تم التقدم بها للحكومة للحصول على المنح والقروض للطلاب، إضافة إلى مخصصات التغذية المدرسية ومكرمة جلالة الملك لأبناء العسكريين والمعلمين.
وشدد على أن الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة ستبدأ بتنفيذ البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية ضمن الأطر الزمنية المحددة للتنفيذ، وفقا لمؤشرات واضحة لقياس الأداء، وستقوم الحكومة بإصدار تقارير لمتابعة الإنجاز وتقدم سير العمل، وسيتم إطلاع مجلس النواب على المسار التنفيذي لهذا البرنامج.
وفي هذا الصعيد، أشار إلى أن منهجية الموازنة الموجهة بالنتائج المعتمدة في إعداد الموازنة العامة والتي تستند إلى خطط الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية وعلى مؤشرات لقياس أدائها، ستمكن الحكومة من متابعة وتقييم أداء الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية.
وتابع أن الحكومة تراهن على الثقة والمصداقية في إعداد الموازنة، وفي تعزيز جسور الثقة مع مجلس النواب، هي خطوة ولبنة أساسية لتمكينها من المتابعة الدقيقة والفاعلة لتنفيذ الموازنة، وأشار إلى أن الحكومة أثبت هذه في سنوات عملها دقة تقديراتها المالية، إذ تمكنت من تحصيل الإيرادات المقدرة، كما كانت النفقات ضمن السقوف المقدرة لها لذلك، مؤكدا أن “تقديرات الإيرادات المحلية واقعية مبنية على أسس علمية ستتحقق إن شاء الله”.
وأشير في هذا المجال إلى إشادة المؤسسات العالمية بالأردن، باعتباره نموذجا صنع سياساته بأيد أردنية صرفة لتحقيق إيراداته رغم التشكيك في جدية الحكومة في محاربة جادة للتهرب الضريبي دون رفع الضرائب، مؤكدا أن الحكومة تولي الأجهزة الأمنية والعسكرية الاهتمام والرعاية لتلبية متطلباتها، ولتقوم بكل كفاءة واقتدار بالحفاظ على أمن الوطن حيث إنها تشكل الركيزة الأساسية للاستقرار الأمني والاقتصادي والمالي، من خلال قيامها برصد المخصصات المالية اللازمة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023، وستستمر بدعمها لهذه الأجهزة لتمكينها من القيام بمهامها بالشكل الأمثل.
وقال إن قانون الموازنة العامة لعام 2023 خطوة إضافية مهمة على طريق الإصلاح المالي والاقتصادي في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحتين العالمية والإقليمية على حد سواء، كما يعتبر هذا القانون ترجمة واقعية لتوجهات الحكومة وخطوة أولى لتنفيذ خطة التحديث الاقتصادي وخطة تطوير القطاع العام التي تم تطوريها بمشاركة طيف واسع من خبراء ومستشاري القطاع الخاص. وقد راعت الحكومة عند إعداد تقديرات النفقات أهمية توفير المخصصات المالية لتنفيذ محاور الخطتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى