بيت حواءمنوعات

فتيات الأغوار يكسرن السائد.. العمل بالزراعة لهن وليس للشباب

أخبار حياة- بينما استطاعت فتيات بوادي الأردن فرض أنفسهن بالعمل في القطاع الزراعي، ما يزال شبان “الوادي” تحت قائمة “الاستبعاد”، وخارج دائرة المنافسة التي تتسيدها العمالة الوافدة، في وقت بدأ ما يعرف بـ “عمالة الأسرة” من اللاجئين، الدخول التدريجي على الساحة، مع كسر القواعد بقبول أجور متدنية لا تقبلها “الوافدة” و”المحلية”.

في هذا الوضع الشائك، ما تزال العمالة الزراعية أحد أكبر التحديات التي يواجهها القطاع خلال العقد الأخير، نتيجة ارتفاع كلفها بنسبة تزيد على 35 % من الإيرادات وعدم توفرها في كثير من الأحيان، وفق مستثمرين بالقطاع.

بالنسبة لهم، فإن أكثر ما يهم المزارعين المستثمرين في القطاع تحقيق معادلة ادامة العمل ضمن الحد الأدنى من الكلف، وهي معادلة صعبة تعرقلها العمالة الوافدة التي تطلب أجورا عالية مقابل تحقيق شرط الديمومة والالتزام ودقة الإنجاز، بينما الاعتماد على العمالة المحلية من شبان المنطقة، يعد مغامرة افرزتها تجارب سابقة، ترك فيها شبان العمل بشكل مفاجئ، ووضعوا أصحاب العمل تحت ضغط البحث المستعجل عن البدائل.

اللافت للأمر، أن السنوات الأخيرة التي تعالت فيها الأصوات بضرورة منح العمالة المحلية الفرص أكثر للعمل بالقطاع الذي تسيطر عليه العمالة الوافدة، شهدت في ذات الوقت تزايد مشاركة الفتيات بالعمل، رغم انها محصورة ضمن نشاطات محددة تختص بعمليات القطاف والتدريج والتغليف.

سيطرة العمالة الوافدة قضية ليست بجديدة، مردها وفق مستخدمي هذه العمالة “القدرة على العمل الشاق”، مقارنة بـ “المحلية” من الشبان الذين يظهرون عادة عدم الالتزام وهو ما يجعل من الاعتماد عليها بشكل كلي أمر مستبعد.
يقول مزارعون وأرباب عمل، إن العمالة المحلية غير قادرة على تلبية احتياجات القطاع، لافتين الى أن معاناتهم مع العمالة المحلية لا حدود لها، إذ إن غالبية العمال لا يلتزمون بالعمل كالوافدة من ناحية عدد ساعات العمل وأوقاته، فضلا عن أن معظمهم يسعى للحصول على عمل مشمول بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وهو ما لا يتوفر بالعمل الزراعي.

ويؤكد المزارع نواش اليازجين، “أن العمالة الأردنية ليست قادرة على إشغال أماكن العمالة الوافدة رغم أن الأجور هي نفسها للطرفين”، موضحا “أن معاناة المزارع مع العامل الأردني تكمن في عدم التزامه بالعمل ما يضع المزارع أمام خيار اللجوء إلى العمالة الوافدة”.

ويضيف، “إنه جرى سابقا عدة لقاءات مع وزارة العمل التي تبنت تشغيل الأردنيين في القطاع الزراعي من خلال البرنامج الوطني لتدريب وتشغيل الأردنيين والأردنيات في القطاع الزراعي وتعهدت من خلاله بتقديم دعم مادي لهم يقدر بحوالي 150 دينارا واشراكهم بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، الا اننا لم نجد استجابة من الشباب المتعطلين عن العمل وحتى الفتيات اللاتي يعتمدن بشكل كلي على العمل في القطاع ويشكلن نسبة كبيرة من العمالة الموجودة حاليا”.

وبين، “أن العمالة الوافدة بمجملها سواء كانت مصرية أو سورية تملك المؤهلات الكافية للعمل في القطاع الزراعي على عكس العمالة الأردنية”، مستثنيا من ذلك العمالة النسوية التي يقتصر عملها على عمليات زراعية محددة، لافتا إلى “أن العمالة الوافدة لديها القدرة على تحمل ظروف العمل الصعبة كالسكن في أماكن قريبة من المزرعة والعمل لساعات طويلة وأجور مقبولة وعادة ما تكون مؤجلة لحين البيع، بينما العامل المحلي يشترط الحصول على اجرته يوما بيوم”.

ويلفت إلى “أن المزارع الأردني ليس لديه مشكلة بجنسية العامل في حال توفره والتزامه وادائه مهامه على أكمل وجه، إلا إن هذا الأمر يجب ان لا ينعكس سلبا على القطاع الزراعي الذي يعاني كثيرا من ارتفاع أجور الأيدي العاملة الزراعية”، مشددا على “ضرورة توفير الدعم اللازم للمزارع لضمان استمراره في العمل بما ينعكس على المجتمع المحلي كون غالبية عمليات القطاف والتوضيب والتدريج وغيرها من العمليات تعتمد على العمالة الأردنية النسوية”.

في الناحية المقابلة، يرى عدد من المتعطلين أنه ليس من المنطقي أن يبقى الآلاف من أبناء الأغوار غير قادرين على الحصول على لقمة العيش في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، في حين يعمد المزارعون إلى تشغيل العمالة الوافدة والأسر اللاجئة ما يحرمهم من الحصول على فرص عمل هم بأمس الحاجة لها حتى وإن كانت موسمية.

ويقول الشاب ياسين الطعيمات “إن عددا كبيرا من أبناء الأغوار غير قادرين على توفير لقمة العيش لابنائهم لعزوف أرباب العمل في القطاع الزراعي عن تشغيلهم”، مبينا “أن العمالة المحلية تملك المؤهلات اللازمة للعمل في القطاع الزراعي في كافة العمليات التي يحتاجها بدءا من تجهيز الأرض إلى زراعتها وحتى جني المحصول وإدارة المزارع”.

ويضيف، “في المقابل نرى المئات من الأسر السورية التي يعمل جميع افرادها من الجنسين في المزارع يوميا، ناهيك عن العمالة المصرية التي تعتبر المفضلة لدى المزارع”، مشددا “على ضرورة إحلال العمالة الأردنية مكان الوافدة لخفض معدلات الفقر والبطالة التي تتفاقم عاما بعد عام”.

ويشاركه الرأي احمد العلاقمة الذي يؤكد “أن تغول العمالة الوافدة حرم آلاف الأسر من الانتفاع من القطاع الزراعي”، مضيفا “تفضيل المزارع للعمالة الوافدة سواء المصرح لها بالعمل أو التي تعمل من دون تصريح يشكل تحديا للأيدي العاملة الأردنية التي تعاني أصلا من تفاقم البطالة”.

بدوره، يوضح الخبير الزراعي المهندس عبدالكريم الشهاب “أن القطاع الزراعي في الأردن يعتمد إلى حد كبير على العمالة الوافدة التي لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة وإن العمل في القطاع الزراعي موسمي إذ لا يستطيع المزارع تحمل أجور العمالة طيلة العام الأمر الذي يتسبب عادة بعزوف العمالة المحلية عن العمل فيه”، مضيفا “أن بعض العمليات الزراعية تحتاج إلى جهد وجلد كعمليات التجهيز للموسم الزراعي وهي بمعظمها أعمال لا يقوى عليها سوى العمالة الوافدة”.

ويشير الى “أن لجوء المزارع إلى العمالة الأسرية كالسورية يعود لتدني أجورها مقارنة بالعمالة الأخرى سواء المصرية أو المحلية، ناهيك عن مدى التزام هذه العمالة بالعمل طيلة الموسم دون توقف وفي كافة الأوقات سواء في الصباح الباكر أو المساء”، موضحا “أن مشكلة عالبية العمالة المحلية انها في حال حصولها على أجرة عمل يوم فان معظمها لا يعود للعمل في اليوم التالي ما يضع المزارع في مشكلة البحث عن عمالة بديلة”.

ويوضح، “أن ارتفاع نسبة المتعلمين وخاصة الجامعيين بين الشباب سبب آخر لعزوفهم عن العمل بالقطاع الزراعي، إذ يرى أن وضعه الاجتماعي لا يسمح له بالعمل في مثل هذه الأعمال رغم المردود الجيد الذي توفره للعامل”، لافتا إلى “أن قضية إحلال العمالة الأردنية محل الوافدة تحتاج إلى دراسة مستفيضة من قبل جميع الأطراف للوصول إلى أرضية قوية وسليمة تحافظ على حقوق جميع الأطراف بمن فيهم المزارع الذي يمثل رب العمل”.

من جانبه، يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام “أن القطاع الزراعي من أكثر القطاعات الاقتصادية التي تتعرض لمخاطر سواء مخاطر طبيعية ناتجة عن المناخ أو مخاطر نتيجة تراجع وتدني الأسعار والتي تفاقمت خلال العقد الأخير”، موضحا “أن هذه المخاطر بالإضافة إلى تراجع القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة كانت من أهم اسباب عزوف العمالة الأردنية وخاصة من الذكور للعمل بالقطاع”.

ويضيف، “أن من أسباب عزوف الشباب الأردني عن العمل في الزراعة ان العمل في القطاع موسمي وليس مستمرا ولا يوجد أي محفزات كالاشتراك بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ناهيك عن عدم قدرة الشاب الأردني على الالتزام بالعمل في المزرعة طيلة اليوم كما يقوم بذلك العامل الوافد”، مشيرا الى “أن العامل الأردني موجود على الدوام في القطاع الزراعي ولكن بأعمال محددة كسائقي مركبات زراعية او بالأعمال الإدارية التي لا تتطلب مجهودا بدنيا”.

ويبين الخدام، “أن المزارع الأردني وفي ظل الظروف التي يمر بها القطاع لا يستطيع توفير أجور العمالة بشكل يومي، وهو الأمر الذي يريده العامل الأردني على العكس من العامل الوافد الذي يكتفي بمصروفه اليومي ويدخر أجوره إلى نهاية الموسم”، مشددا على “أن جميع الدراسات التي قام بها الاتحاد أثبتت أنه لا يمكن بأي شكل إحلال العمالة المحلية مكان الوافدة خاصة فيما يتعلق بالأعمال اليدوية التي يحتاجها المزارع خلال عمليات التجهيز والتي تحتاج إلى التزام بمواعيد وأوقات محددة”.

وعلى الرغم من ذلك يرى الخدام “أن المزارع الأردني على استعداد تام لتشغيل أي عامل محلي يستطيع العمل في هذه الأعمال شريطة الالتزام بالعمل كما يقوم به العامل الوافد”، لافتا إلى “أن القطاع الزراعي الأردني يوفر الآلاف من فرص العمل الموسمية والدائمة للعمالة الأردنية في معظمها للنساء والفتيات في مختلف العمليات الزراعية وقد اثبتت قدرة كبيرة على العمل بكل مهارة وجد”.

من جانبه، يؤكد مصدر في وزارة العمل “أن الوزارة تعمل على إدماج الشباب والشابات الأردنيين في سوق العمل وتحفيز استفادتهم من برنامج التشغيل الوطني الذي يدعم توظيف الأردنيين، إضافة إلى برامج التدريب والتأهيل المهني التي توفرها مؤسسة التدريب المهني وهيئة تنمية المهارات”، موضحا “ان خطة الوزارة تهدف الى تشغيل 60 ألف أردني من خلال برنامج التشغيل الوطني وقد تم تشغيل 19 ألفا حتى الآن”.

ويضيف “أن الوزارة قامت بتنفيذ برامج لتشجيع العمالة الأردنية للعمل في القطاع الزراعي من خلال تحسين بيئة العمل وخلق أجواء ملائمة للعمالة الأردنية، إلا أننا وجدنا عزوفا كبيرا عن العمل بالقطاع الزراعي”.

 

بواسطة
(الغد - حابس العدوان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى