أنبوب نفط (البصرة – العقبة) إلى الواجهة مجددا.. حلفاء إيران يرفضونه (تفاصيل)
اخبار حياة – عادت القوى السياسية والفصائل المسلحة المعروفة بقربها من إيران في العراق، إلى التصعيد مجدداً ضد مشروع أنبوب نفط البصرة – العقبة.
وجاء التصعيد بعد نحو أسبوعين من زيارة لرئيس مجلس النواب أحمد الصفدي على رأس وفد برلماني زار بغداد، جرى خلالها بحث آلية تنفيذ المشروع مع المسؤولين العراقيين.
واجتمع الوفد مع رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس المجلس القضائي الأعلى فائق زيدان، ورئيس تحالف “السيادة” خميس خنجر، ورئيس “تيار الحكمة” عمار الحكيم، ورئيس “المجلس الأعلى الإسلامي” همام باقر حمودي، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
كما عقد الوفد لقاءات مع زعماء أجنحة وفصائل مسلحة، أبرزهم، زعيم مليشيا “بابليون” ريان الكلداني، ومليشيا “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، ورئيس منظمة “بدر” هادي العامري.
وعقب ذلك، أصدر القيادي بمليشيا “النجباء”، ورئيس “المجلس السياسي” للجماعة، علي الأسدي، يوم الجمعة الماضي، بياناً هاجم فيه موافقة بعض “الشخصيات السياسية الشيعية” على مد الأنبوب.
ووتلخّصت رسالة البيان إلى الحكم بالفشل على الاتفاق والتوعّد بإفشاله.
ولم تعلّق حكومة السوداني على هذا البيان الذي يأتي بعد أن تعهد رئيس الحكومة العراقي في وقت سابق خلال قمة الأردن التي جمعته مع جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالمضي بتنفيذ كل الاتفاقات بين البلدان الثلاثة. ومن بين هذه الاتفاقات أنبوب نفط (العقبة – البصرة)
وزار وفد أردني رفيع يتقدمه رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، وعدد من رؤساء الكتل البرلمانية أبرزهم أيمن المجالي، ومجحم الصقور، وورئيس كتلة القرار ميرزا بولاد، إلى جانب مسؤولين حكوميين ومستشارين في الديوان الملكي ومسؤولين أمنيين، في العاشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، العراق.
مشروع أنبوب (البصرة – العقبة)
أعلنت وزارة النفط العراقية، في إبريل/ نيسان 2022 أن تكلفة خط أنابيب البصرة – العقبة تبلغ 8.5 مليارات دولار. كما أشارت إلى أن “إنشاء الخط لقي تأييد جميع الحكومات وأن تصاميمه مكتملة منذ 2015”.
وأكدت أن المشروع يستهدف تصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام باتجاه ميناء العقبة على البحر الأحمر، في محاولة لتنويع العراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.
ويتضمن المشروع مد أنبوب بطول 1665 كيلومتراً، من حقول البصرة أقصى جنوبي العراق، إلى ميناء العقبة ، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مليون برميل يومياً.
كما يمنح العراق الأردني حق شراء 150 ألف برميل يومياً بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط. وتقدر كلفة بناء الأنبوب بنحو 8.5 مليارات دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره.
لماذا يرفض المشروع؟
من جهته، تحدث النائب في البرلمان عن قوى “الإطار التنسيقي”، مصطفى سند، في تصريح تلفزيوني، عن فحوى لقائه بأعضاء الوفد البرلماني الذي ترأسه الصفدي الذي زار بغداد أخيراً، وفقاً لقوله.
ولفت إلى أنه أخبرهم بـ”رفض هذا المشروع، والذين وافقوا على المشروع ينطبق عليهم مثل (وهب الأمير ما لا يملك)”.
وتعليقاً على التصعيد الرافض للمضي بالمشروع، أشار القيادي بمليشيا “النجباء”، حيدر اللامي، إلى أن “المشروع يهدف لسحب العراق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً”.
ولفت إلى أن “المشروع لن يخدم العراق، وسيكون بوابة لوصول النفط العراقي إلى “إسرائيل”، وهذا باب من أبواب التطبيع، ولهذا سوف تتصدى القوى الوطنية السياسية والشعبية له ولن تسمح به”. كما تحدث عن قرار من الفصائل المسلحة الأخرى لرفض المشروع.
خلاف داخل الإطار التنسيقي حول الأنبوب العراقي – الأردني
من جهته، أكد مسؤول عراقي رفيع في وزارة النفط ببغداد، أن “خط أنبوب البصرة العقبة، أحد المشاريع العراقية المقرة منذ زمن حكومة المالكي عام 2013، ضمن دراسة واسعة أكدت ضرورة إيجاد العراق منفذا آخر لتصدير النفط بعيداً عن مياه الخليج، تحسباً لأي نزاع غربي إيراني”. ولفت إلى أن “الأوضاع في سورية تجعل من المستحيل تمرير الأنبوب إلى ميناء بانياس السوري، لذا فإن الأردن هو الخيار الأفضل”.
كما اعتبر المسؤول أن “تبريرات وحجج الفصائل المسلحة بشأن الأنبوب النفطي غير واقعية لأن العراق هو من يبيع نفطه عبر تعاقدات كما يحصل في ميناء جيهان التركي وموانئ البصرة العائمة، وليس الأردن”.
من ناحيته، شدد نائب في البرلمان، طلب عدم الكشف عن اسمه، على أن “تصعيد الفصائل المسلحة ضد الأنبوب جاء بعد زيارة مسؤول فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى بغداد ولقائه بعدد من قادة تلك الفصائل والكتل السياسية، وتسربت معلومات بشأن تحفظ إيران على الخطوة”.
وأكد أن “السوداني يتجه للمضي بالتفاهمات مع عمّان، لكن الرفض الأكبر يتمثل بقادة قوى داخل الإطار التنسيقي، أبرزهم المالكي والخزعلي، إلى جانب تهديدات مبطنة لفصائل مسلحة باستهداف الأنبوب في حال البدء ببنائه”. كما اعتبر أن “الأنبوب العراقي الأردني بات أحد الملفات الخلافية الداخلية بين أطراف في الإطار التنسيقي والسوداني”.
وعما إذا كان سيؤدي هذا الرفض إلى عرقلة انطلاق تنفيذ المشروع مجدداً، أكد النائب أن ذلك “أمر وارد خاصة بوجود تلويح بالعنف من قبل جماعات مسلحة حليفة لإيران ضده”.
من جانبه، أشار النائب في البرلمان عن “عصائب أهل الحق”، حسن سالم، إلى أن “المشروع عليه اعتراض سياسي كبير، ولدينا خشية من ذهاب النفط العراقي إلى الكيان الصهيوني عبر هذا الأنبوب، وهذا ما لا يمكن القبول به”.
بدوره، لفت الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، إلى أن “عودة تصعيد بعض الأطراف السياسية والمسلحة ضد مشروع أنبوب البصرة – العقبة، ليست الأولى من نوعها، وتنطلق مع كل تحرك أردني نحو تنفيذ هذا المشروع مع أي حكومة عراقية”.
وبيّن الشريفي أن “الاعتراض غير مبني على أسس اقتصادية، وإنما على دوافع سياسية”. ولفت إلى وجود “من يعتبر أن هذا المشروع سيكون له أضرار اقتصادية كبيرة على إيران”. كما أكد أن هذا السبب يدفع بعض الأطراف للاعتراض على المشروع ومهاجمته واعتباره بوابة للتطبيع مع إسرائيل، “رغم أن النفط العراقي يصل بشكل برّي وطبيعي للأردن، والعراق لا يعرف أين يذهب نفطه بعد وصوله للأردن”.
كما شدد على أن “الأردن مهم جداً بالنسبة للعراق، ولهذا السبب فإن أي حكومة عراقية تريد تقوية العلاقات مع عمّان، وبغداد تدرك أهمية مشروع أنبوب البصرة – العقبة النفطي على المستوى الاقتصادي وحتى السياسي”.
ولفت إلى أنه يعتقد أن “السوداني وحكومته سوف يمضيان بهذا المشروع رغم التهديد والاعتراض عليه من قبل أطراف سياسية ومسلحة، فرئيس الحكومة سيجيد التعامل مع هذه التهديدات، خصوصاً لقربه من تلك الأطراف”.