كيف تكتشفين موهبة طفلك؟ وكيف تتعاملين معها؟
أخبار حياة- يرغب كل أب وأم في رؤية أبنائهم أشخاصا ناجحين وسعداء في حياتهم. وقد يظن بعض الناس أن النجاح لا يكون إلا بالتفوق الدراسي، لكن إذا ما نظرنا إلى الأشخاص الناجحين حولنا، سنكتشف أن الكثير منهم لم يكونوا أشخاصا متفوقين دراسيا بالمعنى المتعارف عليه، بل اتبعوا ميولهم ومواهبهم وتفوقوا فيها. فما الموهبة؟ وكيف يستطيع الأهل اكتشاف موهبة الأبناء؟
تقول المستشارة النفسية التربوية الدكتورة رولا أبو بكر إن “الموهبة هي القدرة الخاصة على القيام بأمر ما، والتي يمتلكها الفرد فطريا من دون أي تمرين أو تدريب. إنها هبة إلهية لا يد للإنسان في اكتسابها، إذ يبرع في القيام بها من دون جهد أو عناء. وهي تختلف عن المهارة، والتي هي خبرة مكتسبة يحصل عليها الفرد بالتعلم والتدريب وتحتاج إلى وقت وجهد لتطويرها”.
اقتراحات للطفل
وتقول الدكتورة رولا إنه لاكتشاف موهبة طفلك، لا بد من السماح له بتنفيذ ما يرغب القيام به، وتشجيعه وتوجيهه وتقديم اقتراحات له، كأخذ درس في الموسيقى أو الدراما أو غير ذلك، ومراقبته أثناء اللعب لمعرفة مواهبه.
وعلى الأهل دعم خيارات الطفل ومساعدته في العثور على مواهبه، ففي المراحل العمرية الأولى قد لا يعرف الطفل جيدا ما يحبه وما يريده، فعلى الأهل إشراك الطفل بالكثير من النشاطات حتى تظهر ميوله واهتماماته.
وتشدد على ضرورة أن يتعرّض الطفل لأكبر عدد ممكن من الخبرات الثرية والماتعة، من كتب ومجلات ومواد إثرائية وثقافية، مثل زيارة المتاحف والمواقع الأثرية والمعارض، مع تحديد أوقات مشاهدة التلفاز وألعاب الكمبيوتر، ومراعاة عدم دفعه بعيدا عن النشاطات التي يحبها ويفضلها.
التشجيع القاعدة الأولية للموهبة
وترى المستشارة أبو بكر أنه “لتنمية موهبة طفلك، لا بد من التشجيع، وهي القاعدة الأولية للموهبة، وترك حرية الاختيار لطفلك مع توفير الجو والأدوات الضرورية”.
وتضيف “لا تنتقد طفلك وتُشعره بأنه لم يفعل المتوقع أو لم يحاول بما فيه الكفاية، بل امدح ما فعله، وقدّر جهده وليس موهبته. لا بد أن يشعر الطفل أن هناك فارقا بين قدراته وجهده المبذول، وكيف يوظف كليهما لإنتاج أفضل ما لديه من دون انتقاد أو توجيه”.
وتنصح الآباء قائلة “لا تشكك في قدرات طفلك وإمكاناته، ولا تقارنه بطفل آخر لديه إنجاز أو موهبة مشابهة، حتى لو كان الآخر يفعل أفضل مما يفعله طفلك، وإلا فقدَ الطفل الاهتمام بما يحب فعله، إذ إن جزءا من تنمية الموهبة هو إشعار الطفل بالتميّز بقدراته الخاصة والعمل على تطويرها”.
وتستطرد أنه لو رفض طفلك الاندماج في نشاط، لا تجبره على العودة إليه حتى لو اختاره هو بنفسه سابقا، فمن الأفضل أن يغيّر نشاطا ما أو رياضة معينة في السنوات الأولى، لكونها مرحلة استكشافية أساسا.
وتضيف “ابحثوا عن الطرق المناسبة لتوسيع موهبة أطفالكم، فالموهبة ليست بعيدة عنهم حتى وإن لم يُظهروها، بل إن غالبية الأطفال يُظهرون موهبة ما، لكن عدم الاهتمام بها يؤدي إلى ضعفها أو فقدانها تماما”.
عوامل وراثية وبيئية
من جانبه، يقول المستشار التربوي الدكتور عايش نوايسة إن الطفل الموهوب هو الذي يتميز عن أقرانه بذكاء مكاني وبصري وحركي، ويميل إلى أداء متميز في جانب معين، فبعضهم مثلا يبدع في الألعاب العقلية، كالشطرنج، في حين يبدع آخرون في الرسم أو الموسيقى أو الرياضيات.
ويرى أنه في مجال الكشف عن الموهبة لدى الأطفال اليوم، لا مجال للتخمين أو الصدفة. ووفق الدراسات والبحوث، فإن العوامل الوراثية تساهم بنسبة 80% من الذكاء.
ويشير إلى أن عالمي النفس الشهيرَين، البريطاني فرانسيس غالتون والأميركي لويس تيرمان، أكدا أن الأساس الجيني والوراثي مهم للذكاء والموهبة، وأن العوامل البيئية تساهم بنحو 20% من الذكاء، وهذه الأخيرة هي التي تحدد كيف يمكن أن تترجم هذه الاستعدادات إلى تفوق، فضلا عن تحديد المدى الذي يمكن أن يصل إليه الفرد في موهبته.
دور الأهل والمدرسة
ويلفت الدكتور نوايسة إلى أنه يقع على الأهل والمدرسة دور كبير في تنمية شخصية الطفل في مجال موهبته وإتاحة كل الإمكانات التي تنمي هذه الموهبة وتوجهها وتهذبها بصورة تربوية سليمة، فالمؤسسات التعليمية مطالَبة بالتركيز على البرامج الإثرائية الهادفة إلى تنمية موهبة الأطفال، وهي الأساس الذي يُعتمد عليه في إبراز المواهب وتحفيزها.
لذا، لا بد من وجود متخصصين في هذه المؤسسات في مجال الموهبة والإبداع، ولا بد من طرح مبادرات على مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لدعم هذه المواهب بشكل ينعكس إيجابا على نتائج التعليم، وفق نوايسة.
أما الأسرة، فمعنية بتوفير بيئة ملائمة لنمو الطفل وتساعده على تنمية موهبته وتدعمها. وهنا، لا بد لدور الأهل أن يتكامل مع دور المدرسة التي عليها توفير منهاج ونشاطات صفيّة ولا صفيّة تحفّز موهبته وتساعده على إظهارها وصقلها بشكل أكبر، وفق المرحلة العمرية والنمائية.
خطوات مهمة
في هذا السياق، نشر موقع “وومن سبوديوم” (women spodium) مقالا ذكر فيه مجموعة الخطوات التي يُنصح الأهل باتباعها بهدف إطلاق العنان لموهبة أطفالهم، وهي:
- راقب طفلك بدقة: حاول معرفة ما يحب طفلك القيام به، مثل الرسم والتلوين وقراءة كتب القصص، ثم ساعده على تطوير تلك المهارة. ابدأ في سن مبكرة، واسمح لأطفالك بالمشاركة في برامج النشاطات التعليمية المختلفة التي تُنظَّم في الحي أو في منطقة قريبة من المنزل.
- تصرَّف بمجرد أن تكون متأكدا بنسبة 100%: عندما تجد هواية طفلك المفضلة، لا تتعجّل، اتخذ خطوات صغيرة وتصرّف وفقا لذلك. مثلا، افترض أن طفلك يحب القراءة، كن بطيئا، وقدّم أول هدية له، مثل القصص المتنوعة أو كتب عن الإبداع وفي مناسبات مختلفة، وعندما تكون متأكدا بنسبة 100% من أن هذا ما يحبه، يمكنك اصطحابه لأقرب مكتبة للعثور على الكتب المفضلة لديه.
- يمكن أن يكون الإنترنت مفيدا: إذا كان طفلك يحب تصفح المواقع التعليمية أو ألعاب الكمبيوتر، اغتنم الفرصة، فيمكن أن تلعب شبكة الإنترنت دورا حيويا في تطوير موهبة طفلك. لذلك، اجعله يفهم إيجابيات وسلبيات الإنترنت، إذ يمكن للأطفال العثور على أفضل المعلومات حول الموضوعات التي تهمّهم.
- المحادثة ضرورية بينك وبين طفلك: يمكنك بدء محادثة من خلال مشاركة ما يفكّر فيه طفلك، بدلا من سؤاله عن الأمر. ركز على أفكار طفلك، وما هي أحلامه.
- دعهم ينفتحون عليك: شجّع أطفالك على طرح الأسئلة، إذ يشعر الآباء أحيانا بالغضب من أسئلتهم، لكن تذكر أن إجاباتنا ستشجّعهم على الاستمرار في طرح الأسئلة، ما يساعدهم في النهاية على مواصلة التعلّم قدر الإمكان. لذا، اجعل اجاباتك قصيرة وتوضيحية، وحينها من السهل فهمهم.
-منى خير