مقالات

ماهو مصير مئات المقاتلين الأردنيين؟

ماهر أبو طير

مئات المقاتلين الأردنيين الذين ذهبوا للقتال في سورية لم يعودوا حتى هذه الايام، وبرغم ان العدد في مرحلة معينة وصل الى ثلاثة آلاف مقاتل من الأردن تسللوا عبر الحدود وفقا لبعض التقديرات، الا ان الذين تقطعت اخبارهم، ولم يعودوا يصل الى مائتي شخص مع عائلاتهم.

آلاف المقاتلين كانوا اعضاء في داعش، وهؤلاء اما قتلوا، او سافروا الى بلد ثالث مع تمويه انفسهم والتخلي عن عضوية التنظيم، او عادوا الى الأردن وسلموا أنفسهم للسلطات، او تسللوا عبر الحدود عائدين وألقي القبض عليه، وبعض العائدين تركوا زوجات وعائلات في سورية.

وفقا لمصادر مطلعة فإن بقية المجموعة اي المائتي مقاتل تقريبا في بعض التقديرات، ما يزال حتى الآن في سورية، تزوج وأسس عائلة واختفى بين السوريين كليا خصوصا في مناطق خارج سيطرة السلطة، وبعضهم ارتحل الى العراق، والبعض استقر في تركيا، بعد ان استطاع تجنب الملاحقة بعيدا عن معرفة اسمه استخباراتيا وربما هناك اسماء واجهت مصيرا مجهولا.

لفت انتباهي مقال مهم جدا كتبته “ديفورا مارغولين” وهي زميلة باحثة أقدم في “برنامج التطرف” بجامعة جورج واشنطن، ونشرته باللغتين العربية والانجليزية على معهد موقع معهد واشنطن للسياسات، تقول فيه إنه بين عامي 2013 و 2019، توجه ما يقدر بنحو 53 ألف رجل وامرأة وطفل من ثمانين دولة مختلفة إلى ما يسمى بخلافة تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق للانضمام إلى التنظيم ودعم أنشطته، وبعد أربع سنوات من هزيمة التنظيم على الأرض، ما يزال أكثر من 60 ألف شخص تابع لتنظيم داعش- كثير منهم من العرب- رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى في شمال شرق سورية، ويشكل مصيرهم موضع نقاش دولي ساخن، من بينهم ايضا اولئك المحتجزون في السجون التي تديرها قوات سورية الديمقراطية.

تضيف مارغولين…” في حزيران 2023، أعاد وزير الخارجية الأميركي التأكيد على سياسة الولايات المتحدة المتبعة خلال إدارتين لتذكير التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بأن إعادة هؤلاء المعتقلين إلى بلدانهم الأصلية، هو الحل الدائم الوحيد، والأمم المتحدة تشجع الدول على التحقيق مع الأفراد التابعين لتنظيم داعش ومحاسبتهم، ثم إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع ولكن العديد من الدول حول العالم ترددت أو تباطأت في اتخاذ مثل هذا الإجراء”.

في سياق متزامن يقول رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، وهو يشغل المنصب الأعلى في القوات المسلحة الأميركية في مقابلته مع قناة “المملكة” خلال زيارته الاخيرة الى الاردن، أن هناك تهديدات من جانب تنظيم داعش لسورية، والعراق، وافغانستان وقال..”ينبغي التأكد من تنفيذ عمليات مراقبة وجمع معلومات استخباراتية واستطلاع عن تنظيم داعش، وهذا التنظيم قضي عليه في معارك الموصل والرقة، لكن الحركة لم تمت بعد والأيديولوجية لم تمت، وبعض مقاتلي داعش ما يزالون يجوبون صحراء سورية ولحد ما العراق، وهذا يشكل تهديداً للأردن وللاستقرار بالمنطقة بشكل عام ولو جرى النظر إلى ما أبعد من المنطقة هنا إلى شرق إفريقيا والصومال وعبر الحزام الوسطي إلى أن تصل إلى غرب إفريقيا سوف ترى مجموعة متنوعة من المنظمات المتفرعة من هذه المنظمات الكبرى”.

وفقا لموقع الدبلوماسية الفرنسية فإن ابرز اربعة اخطار بشأن داعش تكمن في استمرار وجود خلايا سرية ناشطة على الساحة العراقية والسورية، واستمرار وجود مجموعات تابعة للتنظيم في دول عربية وافريقية، وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، اضافة إلى مواصلة قيام التنظيم بدعاية غاية في التعقيد تدعو إلى استخدام العنف، واحتمال انتشار هذه الظاهرة مجدداً عن طريق استغلال هشاشة الوضع السياسي في المناطق المتأزّمة ومناطق الصراعات والحروب.

هناك مؤشرات على ان ملف التنظيم لم يتم اغلاقه تماما خصوصا، بعد ان ساهمت العمليات العسكرية الدولية في تدمير بؤره الكبيرة المتمركزة في دول محددة، بما ادى كإرتداد الى انتشار المقاتلين وتوزعهم على دول اكثر وبشكل فردي حتى الآن قابل لإعادة النشاطات مجددا تحت مسميات جديدة، خصوصا، مع التحليلات الامنية الحساسة حول احتمال احتياج عواصم دولية للتنظيم مجددا، واستعماله في سيناريوهات مختلفة في المنطقة، وضد دول محددة في الاقليم، في سياقات اعادة بث الفوضى والحرب من الداخل بدلا من الحرب من الخارج!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى