بيت حواء

الأمومة أمام الطموح الأكاديمي .. ما الحل ؟

أخبار حياة-قد يشكل غياب الأم عن طفلها لساعات طويلة يوميًا خطرًا نفسيًا على الطفل وخاصة في سنوات عمره الأولى،
هذا ما شرحته لنا اختصاصية الإدارة والتخطيط التربوي بتول حديفة، وعن الآثار السلبية الناتجة عن ذلك الغياب تقول: “تتشكل 75% من شخصية الطفل في سنواته الخمسة الأولى وللأسرة التأثير الأساسي والأول على الطفل من الناحية النمو العقلي والنفسي والاجتماعي، ولهذا السبب من المهم بقاء الطفل قريب من أمه، وفي سنواته الثلاثة الأولى إذا اضطرت أن تتركه فيجب أن يكون بمأمن مع زوجها أو أمها ولساعات قليلة محددة”.

وعن رأيها بشأن استكمال الأم لدراستها بوجود طفلها الصغير، ترى حديفة أنه “على الأم الموازنة بين طفلها ودراستها، وللطفل الأولوية في هذا الأمر، لينشأ الطفل بشكل سليم”، وتتابع: “إذا كانت الأم تشعر بالتعب النفسي بسبب الضغط والمسؤوليات مما ينعكس سلبًا على الطفل فعليها مراجعة قرارها وتأجيل دراستها لحين يكبر طفلها بعد خمس سنوات”.

“نجاح المرأة في تحقيق طموحها لا ينعكس على الأسرة بشكل إيجابي فقط، وإنما أيضًا على المجتمع ككل، مما يُنشئ لنا شخصيات إيجابية تمتلك القدرة على العطاء بشكل أكبر” هذا ما توضحه لنا الدكتورة نسبية جلال اختصاصية التربية الخاصة والمستشارة الاجتماعية، وعن رأيها في أن تتخلى المرأة عن دراستها وطموحاتها والتفرغ للأمومة تقول: “التعليم والعمل بالنسبة للمرأة لا يهدف للكسب المادي وحسب، لكنه مهم من أجل تطوير الذات بشكل سليم والتكيف في مجتمعنا الحاليّ لتكون بصحة نفسية جيدة، على المرأة أن تتعلم الكثير من المهارات مما يؤمن لها النجاح في المستقبل”.

تطرح الدكتورة نسيبة بعض الإرشادات للأم لتوازن بين الجانبين:

– لا بد أن تعرف الأم الطالبة أنها ستمر بالكثير من الصعوبات والعقبات مما لا يجب أن يحبط عزيمتها.

– من المهم أن تحصل على داعم نفسي، وأهم داعم نفسي للمرأة زوجها، معًا يستطيعان تجاوز الكثير من الصعوبات.

– تنظيم وقتها بما يناسب أسرتها بتحديد ساعات معينة للدراسة وساعات معينة للجلوس مع الزوج والأطفال وساعات للعمل المنزلي، بتنظيمها للوقت ستشعر بأن حياتها ستمضي بشكل ممتع.

– أن تأخذ ساعات دراسة أقل من زميلاتها كأن تنهي الجامعة بخمس سنوات بدل أربعة أو الماجستير بثلاث سنوات بدل سنتين، هكذا تستطيع أن توفر وقتًا لتقضيه مع عائلتها.

– هناك حاجة أن تخفف من النشاطات الاجتماعية التي ستتشكل معها من خلال دراستها وحصرها فقط بالنشاطات المهمة ضمن تخصصها كي لا تأخذ الكثير من وقتها.

وترى الدكتورة نسيبة، أن كل إنسان يستطيع النجاح إذا كان لديه طموح عالٍ، فلا ينبغي أن تتخلى أي فتاة عن طموحاتها، لكن تأخذ بقاعدة الأهم فالمهم، فالأهم دائمًا أسرتها والمهم دراستها، وعند وجود طفل حديث الولادة يمكن أن يتم تأجيل فصل دراسي أو فصلين حسب قدرتها حتى لا يؤثر هذا سلبًا على الجانب النفسي للطفل، لكن في الوقت نفسه لا يمنع أن تثري نفسها بالثقافة والقراءة في مجالها.

لا تتوفر دراسات ترصد نسب وأعداد الأمهات على مقاعد الدراسة في جامعات منطقتنا العربية، على أنه من الواضح أن الأمر بات ظاهرة تشفّ عن وعي لدى النساء بدورهن في الحياة الاجتماعية والعلمية، ولم يعد الزواج ولا الإنجاب عائقًا أمام متابعة المسيرة الجامعية أو العلمية عمومًا، وإن اختلفت الأساليب التي تتصدى فيها الأمهات للتحديات التي تواجهها.

في مكان آخر من العالم، ألمانيا مثلًا، بدأت 12 جامعة في تبني “برامج صديقة للأسرة”، لتسهيل حياة الأمهات الدارسات في الجامعة لإتمام تعليمهن بمختلف محطات التعليم العالي بدءًا من الليسانس إلى الدكتوراه، في خطوة -يبدو- أنه يراد لها أن تنتشر في عموم جامعات البلاد، علها تصبح أنموذجًا يُحتذى به عالميًا.

بالمحصلة، تبدو مهمة الأم الطالبة على قدر كبير من التحدي، وعلى السيدات إدراك حجم المسؤولية والصعوبة المترتبة عليهن في كلا الجانبين ودراسة أبعاد الخطوة، وأنها على ثقة منها، فمعظم الأوساط التعليمية -على خلاف الجامعات الـ12 صاحبة المبادرة المذكورة أعلاه- غير مرحبة بالأمهات وإنما بطلاب فرادى متفرعين، كما لا تدعم جميع المجتمعات النساء الطالبات نظرًا لتغيبهن طويلًا عن المنزل وما يترتب على ذلك من بعض الفوضى في احتياجات المنزل من طبخ وترتيب في ظل ثقافة تلقي بكامل المهام داخل المنزل على عاتقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى