بيت حواءمنوعات

1000 امرأة استُشهدن دفاعًا عنه في يومٍ واحد ..المسجد الأقصى في التاريخ

ألف امرأة ، كُنَّ يُرابطْنَ في رحاب المسجد الأقصى عابداتٍ قانتاتٍ عالماتٍ ومتعلماتٍ، تصدَّيْنَ لأبشع هجمة بربرية استهدفت المسجد الأقصى في تاريخه!!

إننا نتكلم عن الهجوم الصليبي الدموي على المسجد الأقصى قبل قرابة ألف سنة من الآن؛ وكما يخبرنا الإمام القاضي ابن العربي الأندلسي (ت 543هـ/1148م) فإنه كان في الأقصى حينها “تنظيم رباطي” يتألف من زهاء ألف امرأة يتبعن لقيادة علمية نسوية واحدة، وقد تحولن في لحظة العدوان الرهيبة تلك إلى مدافعات شرسات عن الأقصى حين اقتحم ساحاتِه الصليبيون، وثبَـتْنَ في دفاعهن عنه حتى استشهدن جميعا وهن صابرات صامدات!!

هذا المشهد الافتتاحي المَجيد -والقديم المتجدد في نضال حركة “نساء الأقصى” اليوم- هو خير ما نستهل به القول حين نحاول رسم صورة قلمية معبّرة عن مكانة المسجد الأقصى في قلوب العرب والمسلمين.

إن أول ما يلفت النظر في تاريخ الأقصى هو ارتباط اسمه بمفهوم “الرباط”! والرباط أصلا هو تلك المحاضن النُّسُكِيّة الجهادية التي ينشئها العُبّاد على ثغور الحدود المفتوحة مع الأعداء، فيجسّدون بذلك “رهبانية الليل وفروسية النهار”. وقد استُشهد من هؤلاء المرابطين -في مذبحة الاستعمار الصليبي القديم- ثلاثة آلاف من العلماء والصُّلَحاء كانوا زينة أروقة المسجد الأقصى وأكنافه المباركة!!

وقد كان في طليعة هؤلاء المرابطين الإمام أبو حامد الغزالي (ت 505هـ/1111م)، وهو وإن لم يشهد قطعا مذبحة الأقصى الصليبية فإنه ألّف -حسب إحدى الروايات- في رحابه كتابَه العظيم “إحياء علوم الدين” الذي صاحب المجاهدين أينما حلّوا، وتربى به الألوف من المحاربين في الدول الزنكية والأيوبية والمملوكية؛ تلك الدول التي قدّمت أعظم مشروعات التحرر والمقاومة في تاريخ الأمة.

وفي الوقت الذي يستمر فيه العدوان على القدس والأقصى في قالب صهيوني صنعته قوى صليبية ومكنت له؛ فإن نداء المرابطة للدفاع عن ثغور المقدسات لا يزال صدّاحا في سماء الأقصى، مؤكدا -كما تدلّ عليه أحداث انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة لباحاته وجنباته- أن قصته لا تزال هي القضية المركزية بـ”إجماع” من الأمة!! وهو ما يسعى هذا المقال لكشف أدلته وتجلياته العملية في تاريخ المسلمين.

وكما رأينا في شهادة القاضي ابن العربي المالكي؛ فإن طلب الجوار بالأقصى لم يكن مقتصرا على الرجال، بل كان مقصدا شائعا في الصالحات من النساء؛ ويفيدنا هو بوجود مئات المرابطات اللاتي كُنَّ منتظماتٍ في شبه “تنظيم رباطي” يتألف من زهاء ألف امرأة ويتبعن فيه لقيادة علمية نسوية واحدة، وقد تحولن إلى مدافعات شرسات عن الأقصى حين اقتحم ساحاته الصليبيون حتى استشهدن جميعا وهن صابرات صامدات!!

يقول ابن العربي في ‘سراج المريدين‘: “لقد كان في بيت المقدس نسوة يُفْخَرُ بهنّ على الأزمنة؛ يَلْتَفِفْنَ على العالمة الشيرازية: فقيهة واعظة متعبدة متبتّلة؛ فلما دخل الروم بيت المقدس يوم الجمعة لاثنتيْ عشرة ليلة بقيت لشعبان من سنة ثنتين وتسعين وأربعمئة (492هـ/1099م) لجأت بهن أجمعين إلى المسجد الأقصى، وجلسن في قبة السلسلة..، فلما غشيتهن الروم قمن إليهم بالسب ورمي التراب في وجوههن، فحصدوهن بالسيوف وأنزلوا بهن الحتوف. قال لي من عاين ذلك وهو في سطح المسجد الأقصى: كن قريبا من ألف امرأة”!!

ينقل مؤرخ الحضارات الأميركي وِيلْ ديورانت (ت 1402هـ/1981م) -في ‘قصة الحضارة‘- عن أحدهم: “يقول القس ريمند الإجيلي (ت بعد 492هـ/1099م) شاهد العيان: وشاهدنا أشياء عجيبة، إذ قُطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين وقتل غيرهم رميا بالسهام، أو أرغِموا على أن يُلقوا أنفسهم من فوق الأبراج، وظل بعضهم الآخر يعذَّبون عدة أيام، ثم أحرِقوا في النار!! وكنتَ ترى في الشوارع أكوامَ الرؤوس والأيدي والأقدام! وكان الإنسان أينما سار فوق جواده يسير بين جثث الرجال والخيل”!!

ويضيف ديورانت: “ويروي غيره (= ريمند الإجيلي) من المعاصرين تفاصيل أدق من هذه وأوفى؛ [فـ]ـيقولون إن النساء كُنَّ يُقتلن طعنا بالسيوف والحراب، والأطفال الرُّضّع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويقذف بهم من فوق الأسوار، أو تهشّم رؤوسهم بدقها بالعَمَد، وذُبح السبعون ألفا من المسلمين الذين بقوا في المدينة.
المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى