مقالات

الأرقام لا تكذب.. فلنعد قراءتها

عوني الداوود

قبل الدخول في تفاصيل لغة الارقام التي نجمع على انها لا تكذب وانها تختصر الكثير من الشروحات علينا ان نتفق اولا على ان العالم برمته قد تغير وتحديدا منذ جائحة كورونا منذ نحو عامين والتي يمكن وصفها بانها حرب عالمية وبائية حصدت ملايين البشر وتجاوزت خسائرها المباشرة وغير المباشرة نحو 16 تريليون دولار، وان تلك الجائحة اضرت باقتصادات العالم دون استثناء بسبب ما نتج عن الجائحة من توقف سلاسل التوريد وتوقف الانتاج العالمي في كثير من السلع والاغلاقات المتواصلة احيانا والمتقطعة – حتى يومنا هذا في الصين ثاني اقتصادات العالم – وغيرها من الأمور التي زادت المجاعة والفقر في العالم.. الذي ما ان بدأ يتعافى من الجائحة حتى اتت الحرب في اوكرانيا لتزيد من مشكلة الطاقة والغذاء كون طرفيها المباشرين (روسيا واوكرانيا ) تشكلان ما نسبته ( 30 %) من سلة الغذاء لاوروبا وللعالم عموما، خصوصا في المواد الاساسية كالقمح والشعير والذرة وغيرها..علاوة على ما تمثله روسيا في اسواق الطاقة العالمية (النفط والغاز) وبباقي المعادن، ومنها ما يدخل في صناعة الطائرات، والمواد الاولية لكثير من الصناعات الدقيقة.

كثير منا (ينسى) وآخرون ( يتناسون) ما يحدث في العالم ونحن جزء منه، بل وما يحدث حولنا في الاقليم من تداعيات الحرب في اوكرانيا ومن تداعيات التضخم الذي يجتاح العالم بدءا من الاقتصاد الاول (الولايات المتحدة الامريكية) التي ارتفعت فيها معدلات التضخم لمستويات تاريخية غير مسبوقة منذ اكثر من اربعة عقود، وكذلك الحال في بريطانيا ودول صناعية كبرى، في حين هي في الاردن في حدود ( 4 %).

راجعوا الارقام التي تقول بأن التضخم بلغ في احدى دول الاقليم لنحو 85 %، وفي دول عربية لاكثر من 10 %، ناهيك عن دول في الاقليم انهارت عملتها ولا تزال تواجه ظروفا صعبة.

مشكلة الاقتصاد العالمي في هذه الظروف ان على الدول ان تخطط وان تقرأ المستقبل في حالة من»عدم اليقين» في كل شيء، …اليوم الدول تخطط وهي لا تدري الى اين تقودنا الحرب في اوكرانيا ؟ نعم هناك حرب عكسرية على الارض لكن ارتداداتها الكارثية على الاقتصاد تؤدي – وفقا للارقام – لكوارث أخرى، وراجعوا أرقام « الفاو « حول عشرات الملايين من ضحايا المجاعة في افريقيا وغيرها من دول جنوب العالم تحديدا، وارقام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تتم مراجعتها بين حين وآخر وكلها تعود الى الوراء، وآخر التقارير لهاتين المنظمتين الدوليتين تحذر وتنذر من تباطؤ وانكماش الاقتصاد العالمي وتراجع معدلات النمو وتدعو لاجراءات متشددة للاصلاحات الاقتصادية والحد من تداعيات ما هو آتٍ.

الاردن وسط كل هذه العواصف والامواج المتلاطمة – وبالارقام – بعيدا عن العواطف وحسابات « مع أو ضد »، وبشهادات عالمية واقليمية لا تجامل احدا، تضررت من جائحة كورونا وفقدنا اعزاء هم أغلى من كل الاموال ومن كل الارقام والمؤشرات، ولكن في المحصلة خرجنا من الجائحة وبحمد الله وفضله وحكمة وحنكة جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي استشرف المستقبل ووجّه للتحوط فكان الاردن الافضل ادارة الأزمة يوم ملأ مستوعبات القمح بحاجته لسنة ونصف السنة وباسعار تجاوزت الـ 200 دولار بقليل قبل ان تتجاوز أسعاره اليوم حاجز الـ570 دولارا للطن.

لم تخلُ أرفف المولات ولا حتى البقالات من اي صنف في عز الجائحة في حين خلت الارفف مبكرا في دول اقتصادية عظمى..علينا الا ننسى كل ذلك، وان نكون اكثر ثقة بوطننا وقيادتنا التي تضع في مقدمة اولوياتها تحسين مستوى معيشة المواطن.

الارقام تقول ايضا اننا في مقدمة الدول التي تعافت من كورونا وان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة رفعت قدراتنا الصحية بنسبة( 350 %)، وان قطاعاتنا الاقتصادية تتعافى وفي مقدمتها السياحة، والصادرات الصناعية، وان لدينا استراتيجيات تنفيذية على الارض تندرج تحت رؤى اصلاحية للسنوات العشر المقبلة.

نعم الارقام ايضا تقول ان لدينا نسبا مرتفعة في البطالة وفي المديونية..وكل ذلك يحتاج الى حلول، ولكن حتى ارقام البطالة والمديونية في حدود« السيطرة »، وفي الوقت الذي يعاني فيه العالم من التضخم يحافظ الأردن وبسياساته المالية والنقدية الحصيفتين على استقرار الدينار وعلى نسب نمو مستقرة وعلى تصنيف ائتماني إيجابي.. الأرقام واضحة، فقط علينا إعادة قراءتها بتمعنٍ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى