مقالات

تحويلات العاملين في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل

د.رعـد التـل

في كل عام يقدم البنك الدولي مؤشراته المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالهجرة ولعل أبرزها مؤشر زيادة حجم التحويلات المالية كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي، ومؤشر خفض تكاليف التحويلات، بالإضافة إلى مؤشر خفض تكاليف توظيف المهاجرين. هذه المؤشرات المرتبطة بالتحويلات المالية حيث وبحسب البنك الدولي تعتبر مصدراً حيوياً لدخل الأسر المعيشية للبلدان منخفضة الدخل، كما أنها تخفف من حدة الفقر، وتحسن نواتج التغذية، وترتبط بزيادة وزن المواليد وارتفاع معدلات الالتحاق بالمدارس للأطفال.

في أحدث تقرير للبنك الدولي حول التحويلات المالية إلى البلدان منخفضة ومتوسطة، يشير البنك الدولي بأنها قد زادت بنسبة 5 % لتصل إلى 626 مليار دولار، وذلك على الرغم من التطورات المعاكسة التي شهدها عام 2022 على الصعيد العالمي. وأوضح البنك أن هذه النسبة تقل بشكل حادٍ عن الزيادة المسجلة في عام 2021 والتي بلغت 10.2 %.

كما يشير البنك الدولي إلى أن العديد من العوامل ساهمت في تشكيل تدفقات التحويلات إلى مناطق البلدان النامية في عام 2022. فمع انحسار جائحة كورونا، أدت إعادة فتح الاقتصادات المضيفة إلى رفع مستويات تشغيلهم وتدعيم قدرتهم على الاستمرار في إرسال المساعدات إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية. ومن جانب آخر، كان لارتفاع الأسعار آثاره السلبية على قيمة الدخل الحقيقي للمهاجرين. كما يشير البنك الى أن البلدان التي عانت من قلة العملات الأجنبية وتعدد أسعار الصرف، فقد انخفضت تدفقات التحويلات المسجلة رسمياً مع تحول تلك التدفقات إلى قنوات بديلة تقدم أسعاراً أفضل.

وحسب المناطق، يشير تقرير البنك الدولي إلى أن أفريقيا هي المنطقة الأكثر تعرضاً للأزمات المتزامنة، بما في ذلك موجات الجفاف الشديد والارتفاعات الحادة في أسعار الطاقة والسلع الغذائية العالمية. وتشير التقديرات إلى أن التحويلات إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء قد زادت بنسبة 5.2 % مقارنة بنسبة

16.4 % في العام الماضي. وفي المناطق الأخرى، تشير التقديرات إلى أن تدفقات التحويلات قد ارتفعت بنسبة 10.3 % إلى أوروبا وآسيا الوسطى، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط والطلب على العمال المهاجرين في روسيا إلى زيادة التحويلات، بالإضافة إلى الأثر المترتب على تقييم العملات. وفي أوكرانيا، يُقدر نمو التحويلات بنسبة 2 %، وهو أقل من التوقعات السابقة حيث تم إرسال الأموال للأوكرانيين في البلدان التي تستضيفهم، ومن المرجح أن تزيد نسبة التحويلات المالية التي تُسلم باليد. ويقدر نمو تدفقات التحويلات بنسبة 9.3 % في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و3.5 % في منطقة جنوب آسيا، و2.5 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و0.7 % في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ. وفي عام 2022، ولأول مرة، يقترب بلد واحد وهو الهند من تلقي تحويلات سنوية تفوق 100 مليار دولار.

بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن التحويلات إلى بلدانها النامية قد زادت بنسبة 2.5 % في عام 2022 لتصل إلى 63 مليار دولار، مقارنة بنسبة زيادة بلغت 10.5 % العام الماضي. ويرتبط البطء في نمو التحويلات جزئياً بتآكل مكاسب الأجور الحقيقية في منطقة اليورو، حتى مع زيادة الطلب على التحويلات في بلدان الموطن في خضم تدهور الأوضاع هناك، ومنها موجات الجفاف التي ضربت بلدان المغرب وارتفاع أسعار واردات القمح. وكنسبة من إجمالي الناتج المحلي، تعتبر التحويلات كبيرة في لبنان (38 %) والضفة الغربية وقطاع غزة

(19 %). ومن المتوقع أن تنمو تدفقات التحويلات بنسبة 2 % في عام 2023. وقد بلغت تكلفة إرسال 200 دولار حسب تقدرات البنك الدولي في المتوسط إلى بلدان المنطقة 6.3 % في الربع الثاني من عام 2022.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى