مقالات

الاستثمار والبنية التحتية في الأردن

د.فيصل غرايبة

البنية التحتية تلعب دورا مهما في التوازن الاقتصادي داخل أي دولة، لقدرتها على امتصاص الصدمات الاقتصادية والأزمات المالية، كما أنها تعمل على تعزيز وتشجيع الاستثمار، لأنها تشكل الخدمات الأساسية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، إضافة الى أنها تعتبر صمام أمان للمستثمرين، حيث ان الاستثمار في أسهم مؤشرات البنية التحتية تحقق عوائد مستقرة نسبيا. بالتالي، تلعب البنية التحتية ذات الجودة العالية دورا مهما في استقرار وتعزيز النمو الاقتصادي من جهة، وتزيد من حجم الاستثمار وترفع من مستويات المعيشة من الجهة الأخرى.

تشمل البنية التحتية خدمات متنوعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتمثل مؤشرات البنية التحتية الاقتصادية كلا من النقل بما فيها الطرق والأنفاق والجسور، والموانئ، ومواقف السيارات، والمرافق العامة المتضمنة المياه، والكهرباء، وتوليد الطاقة والتخزين والتوزيع، والصرف الصحي، والاتصالات السلكية واللاسلكية سواء الأبراج، وشبكات الكابلات والأقمار الصناعية والإرسال والطاقة المتجددة. بالمقابل، تمثل البنية التحتية الاجتماعية المرافق التعليمية سواء المدارس أو الجامعات، ومرافق الرعاية الصحية المتضمنة المستشفيات الحكومية والخاصة، ودور كبار السن، والسجون والملاعب.

وكما نوهنا سابقا، تصنف خدمات البنية التحتية على أنها تعزز التوازن الاقتصادي وتمتص الصدمات الاقتصادية والمالية، فهي مؤشرات دفاعية، لأنها في أسوأ الظروف تدافع عن نفسها وتحقق عوائد مستقرة نسبيا، وإذا خسرت خسارتها قليلة جدا، وذلك بسبب حاجة المواطنين اليومي لها، فلا أحد قادر على الاستغناء عن المواصلات والاتصالات والمياه والكهرباء والتعليم والصحة والفنادق والسياحة والتكنولوجيا والاعلام، والخدمات التجارية. بالتالي، تشكل هذه المؤشرات استثمارات قليلة المخاطر بسبب تدفقاتها النقدية المستقرة، وبيئتها التنافسية المنخفضة.

وقد حاولنا البحث في أداء ستة مؤشرات فرعية متعلقة في البنية التحتية الأردنية مدرجة أسهمها في بورصة عمان، وهي الرعاية الصحية، والتعليم، والفنادق والسياحة، والتكنولوجيا والمواصلات والاتصالات والمرافق والطاقة، واعتمدنا على البيانات الشهرية من عام 2010 الى عام 2017، وحاولنا بناء محفظة استثمارية تتضمن أسهم هذه المؤشرات الفرعية للوصول الى المحفظة الاستثمارية المثلى.

بشكل عام، أظهرت نتائج الدراسة نتائج غير متوقعة، حيث أن متوسط أداء معظم هذه المؤشرات الفرعية كان في السالب، باستثناء التعليم والصحة، كما أن التذبذب لعوائد هذه المؤشرات كان مرتفعا، مما يشير الى أن عوائد معظم هذه المؤشرات غير مستقرة نسبيا، وأظهرت النتائج الى أن مؤشر الصحة حقق أفضل أداء على مستوى العوائد والمخاطر بالمقارنة مع باقي المؤشرات الأخرى، كما يعتبر مؤشرا الصحة والتعليم أفضل مؤشرين لبناء المحفظة الاستثمارية المثلى، وهذه النتائج يمكن أن تفيد مدراء المحافظ الاستثمارية.

البنية التحتية في الأردن ما زالت دون المستوى المطلوب، وهذا يتطلب من صناع القرار في الأردن التعاون مع الدول العربية الشقيقة المجاورة التي قطعت أشواطا كبيرة في تحسين بنيتها التحتية بسبب اداراتهم الإيجابية، وتوفر الموارد لديها، ويمكن أن نقوم على تحسين البنية التحتية في الأردن عن طريق استقدام خبراتهم وشركاتهم الكبرى، لتحسين البنية التحتية، مقابل أن يأخذوا عوائد القطاعات التي قاموا على تطويرها لفترة زمنية تمتد من 10 الى 20 سنة، ثم بعد ذلك تعود ملكيتها الى الدولة الأردنية.

زيادة الانفاق الرأسمالي وتوجيهه نحو تطوير البنية التحتية أمر مهم في تحسين الخدمات وتشجيع وجذب الاستثمار، كما أن التعاون بين القطاع العام (البلديات والجيش مثلا) والقطاع الخاص لتحسين البنية التحتية أمر ضروري، مع اعفاء القطاع الخاص في هذا الجانب من الضرائب لتشجيعهم نحو تطوير البنية التحتية.

تحسين الخدمات وتشجيع الاستثمار في الأردن ليس فقط محكوما الى تغيير القوانين، إنما يتطلب إرادة وإدارة سليمة، وتخطيطا استراتيجيا، يرافقها تهيئة بيئة سليمة وبنية تحتية بشكل غير مكلف، تجذب أصحاب رؤوس الأموال، وتساعدهم على تسويق منتجاتهم داخليا وخارجيا، وتعزز من النمو الاقتصادي، وترفع من مستويات المعيشة لدى المواطنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى