الرئيسيةمحافظات

ساكنو “البراكيات” في البلقاء أمام خطر السيول أو عناء الترحال

اخبار حياة – يواجه ساكنو ما تعرف بـ”البراكيات” بمحافظة البلقاء، في كل فصل شتاء، خطرا كبيرا يتمثل باحتمالية تشكل سيول قوية من شأنها أن تهدد أرواحهم وممتلكاتهم، ما يدفع بعضهم إلى بدء رحلة بحث عن مكان آمن قبل اشتداد الظروف الجوية، فيما يتمسك آخرون بأماكنهم في سيناريو لا صوت يعلو فيه على صوت الخوف من المجهول.

وفي جولة على عدد من تلك “البراكيات” في البلقاء، استمعت إلى ما يقوله ساكنوها الذين يجمعون على أن ظروفهم المعيشية الصعبة تحول دون انتقالهم إلى مساكن مستأجرة لعدم قدرتهم على الإيفاء بالالتزامات المالية المترتبة على ذلك، فضلا عن الحاجة إلى الأثاث اللازم، وما إلى ذلك من متطلبات أخرى.

كما تطرقوا إلى أنهم اعتادوا النمط المعيشي الخاص بهم منذ سنوات طويلة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنهم يعتمدون على تربية الأغنام، مما يحول أيضا دون قدرتهم على الانتقال إلى أحياء سكنية.

الخميسني أبو عماد، الذي يقيم في “براكيات” بأحد الأودية، مع 18 شخصا آخرين هم والدته المريضة وأبناؤه وأشقاؤه وأبناؤهم، يؤكد أنهم يقيمون فيها منذ 15 عاما، ويعتمدون بالدرجة الأولى على ما تدره عليهم الأغنام من دخل، بالإضافة إلى عمل عدد من أفراد العائلة بأجر محدود على نظام المياومة.

لكن أبو عماد، أكد أن الدخل كله لا يكاد يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية، مستبعدا أن يفكروا مجرد تفكير بالانتقال للإقامة بالأجرة في أحياء سكنية.

وبشأن خطر السيول عليهم في فصل الشتاء بالإضافة للانهيارات الصخرية والترابية، أكد أنهم يعملون كل فصل شتاء على عمل ما يشبه قناة تصريف للمياه بحيث يكون لمياه الأمطار مجرى بجانب “البراكيات”، إلا أنه يتم عملها بشكل يدوي بسيط وليس علميا أو احترافيا، ما قد يجعلها غير مجدية في حال كانت السيول قوية.

وقال أبو عماد، إنه وفي بعض السنوات كانوا يضطرون للمغادرة إلى أماكن إيواء مخصصة من قبل البلديات وتحديدا في أوقات المنخفضات الجوية عالية الشدة، مشيرا إلى أن ذلك يأتي بناء على أوامر من الحكام الإداريين بضرورة الانتقال إلى أماكن آمنة حتى عودة الاستقرار الجوي، ومشددا في الوقت ذاته على أن طلب الحكام الإداريين من ساكني “البراكيات” مع بداية فصل الشتاء بالرحيل الكامل إلى مكان آخر بعيد عن الخطر، يعد أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا، لا سيما أنهم يقيمون منذ سنوات طويلة، وقد لا يجدون من يسمح لهم بالإقامة في أرضه أو حتى الأراضي المملوكة للدولة، بالإضافة إلى العناء الكبير الذي يسببه الترحال.

حال أبو عماد وأحواله تنطبق على أبو علي الذي يقول إنه يعيش في “البراكيات” منذ 18 عاما مع عائلته المكونة من 9 أفراد، مشيرا إلى أن لا بديل بالنسبة له عن نمط الحياة هذا، وأنه اعتاد عليه وأسرته، رغم كل الظروف.

وأضاف أنه لا يفضل الانتقال إلى أي مكان آخر حتى في الظروف الجوية الاستثنائية لأنه وعلى حد تعبيره “لا يرتاح إلا هنا”، حيث تأقلم في المكان سنوات طويلة، فضلا عن أنه من الصعب أن يجد مكانا آخر يسمح له في الإقامة فيه مع أسرته وأغنامه.

ووفق أبو علي، فإن جميع ساكني “البراكيات” هم من أبناء الطبقة الفقيرة التي تحتاج إلى المساعدة باستمرار، خصوصا في فصل الشتاء الذي تبرز فيه الحاجة إلى وسائل التدفئة والملابس والأغطية وما شابه، بالإضافة إلى الحاجة لطرود غذائية وأدوية.

وعادة ما يشهد فصل الشتاء، حوادث تؤدي إلى وفيات أو إصابات وأضرار مادية، بسبب التواجد قرب مجاري الأودية والسيول، لا سيما مربي الماشية، ما يدفع الجهات المعنية إلى تنفيذ حملات خصوصا في أوقات المنخفضات الجوية، لترحيل المواطنين القاطنين في مثل تلك المناطق وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية تحسبا لتشكل السيول وحفاظا على سلامتهم.

كما تقوم الجهات المعنية، بتنسيق الجهود فيما بينها من خلال غرف عمليات الطوارئ، وحصر البؤر الساخنة التي من الممكن أن تحصل فيها فيضانات، في حين يتم كذلك تجهيز قاعات لاستقبال المتضررين ومن يجري إخلاؤهم.

وأكد مصدر في محافظة البلقاء، أن المحافظة استبقت حلول فصل الشتاء، بكامل الاستعدادات والتجهيزات للتعامل مع مختلف الظروف التي قد تنتج عنه، لا سيما في المنخفضات الجوية، مشيرا إلى أن التنسيق عالي المستوى بين مختلف الجهات المعنية.

وبشأن ساكني “البراكيات”، أكد أنه يتم العمل على ترحيلهم بعيدا عن مجاري السيول والأودية في حال كانت المملكة على موعد مع منخفض جوي، وذلك حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، لافتا في الوقت ذاته إلى أن البلديات تخصص قاعات مجهزة بالكامل لإيواء أي متضرر من الأحوال الجوية، رغم أن تلك “البراكيات” تقع خارج حدود تنظيم البلديات.

بواسطة
الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى