مقالات

مهنتي كمواطن

مالك العثامنة

مع التأكيد على أنني أتفهم بوعي العدالة الاجتماعية في حكمة مكارم التعليم الجامعي لأبناء الأرياف والبادية والأقل فرصة في التنافس المنصف كتدبير مرحلي إلى حين النهوض بالعملية التعليمية بشكل شامل لا يحتاج استثناءات، فإن كلا من التأمين الصحي والتعليم المحترم والسكن اللائق هي من الحقوق الأساسية على الدولة – أي دولة- توفيرها كحق اساسي لا تفضل فيه ولا منة ولا مكرمات.
فلنتحدث بصراحة عن كل ذلك، ونقول علنا ما نهمس به في مجالسنا جميعا.
حين يقولون مكرمة ملكية بالتعليم او الصحة او السكن.. هل يفترض أن يصدق أي عاقل أن الملك شخصيا يقوم بالجلوس خلف مكتبه ويراجع قوائم الاسماء المشمولة بمكارمه والتي هي أصلا حقوق يجب ان توفرها الدولة بمنظومة قوانين وتشريعات؟ وأن الملك وهو يضع الاسماء او يراجعها سيراجع ملفات كل اسم وارد أمامه وبقلم أحمر سيشطب أو يضيف أو يضع ملاحظات على الهامش؟
طبعا لا…وهذا غير معقول ولا منطقي بديهيا.
الملك هو رأس الدولة دستوريا، ومقامه محفوظ بهذا الدستور كصاحب العرش الذي يحكم الدولة بالقوانين ومن خلال السلطات الممنوحة له دستوريا، وهو ما يتم تسميته بنظام الدولة الذي لا يستقر بدونه.
استعادة الدولة لمؤسساتها والعمل على أن تقوم تلك المؤسسات بواجباتها ضمن منظومة القوانين والتشريعات هو ما يريده الملك بالضرورة، وقد أزاحت عن كاهل مؤسسة العرش كل تلك الأعباء وأعادتها إلى سياقها كواجبات ومسؤوليات.
وفي حال كانت التشريعات غير كافية أو قاصرة بسبب التطور أو أي أسباب أخرى، فإن السلطة التشريعية مناط بها تقديم الحلول التشريعية بالتعاون مع السلطة التنفيذية لإصدار المناسب من التشريعات القانونية التي تخلق حالة الانسيابية في عمل ماكينة الدولة وهي تقدم خدماتها لمواطنيها.
والحال كذلك…
فإن الدولة الأردنية بكافة مرافقها الرسمية والأهلية مطالبة بان تستعيد توازناتها المؤسسية، وتوزيع الأدوار في تلك المؤسسات حسب الوظيفة والاختصاص الدستوري والقانوني قبل أي حديث عن حياة حزبية وتيارات سياسية تسعى لتشكيل حكومات المستقبل.
بدون ذلك، سنبقى في ذات الحالة الفانتازية التي نعيشها لتكبر وتنمو إلى حد تغيب فيه الدولة بمفهومها الحقيقي، وتصبح المادة الدستورية التي تحمي الملك ومؤسسة العرش بلا معنى والتي تنص على أن الملك مصون عن كل تبعة ومسؤولية.
وحتى لا يزاود أحد على ما نقول، فإن هذا ما فهمته بلا التباسات من الملك نفسه وهو يكتب في الورقة السادسة من الأوراق النقاشية التي طرحها “للنقاش”:
(..إن التطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار. لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل بسيادة القانون الذي يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز أينما كان في ربوع هذا الوطن العزيز. وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل وعلى المسؤول قبل المواطن، كما يجب أن يستند إلى تشريعات واضحة وشفافة، وإدارة حصيفة وكفؤة.)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى