مقالات

‏تحولات «السعودية» و بهجتنا بإنجازاتها

حسين الرواشدة

مع كل إنجاز يسجله أي بلد عربي، يتحرك فينا الدم العربي فنشعر بالاعتزاز والبهجة، تماما كما تحرك فينا هذا الدم، على امتداد الخيبات التي عصفت بعالمنا العربي خلال السنوات الماضية، فولدت فيضانات من الحزن والحسرة، أليس من حق هذا الإنسان العربي أن يبتسم ويضحك، ويدغدغ قلبه بالأمل والفرح، كما يفعل الكثيرون في هذا العالم الذي استعاد فيه الإنسان قيمته وكرامته وحريته، وودع عصور الخوف والقهر والتخلف؟ ‏
آخر نسخة وصلتنا من هذا الإنجاز، فوز المنتخب الوطني في الشقيقة المملكة العربية السعودية بأول مباراة يخوضها بمونديال قطر مع المنتخب الأرجنتيني، ربما يبدو هذا الفوز الرياضي رمزيا في سياقات الملاعب التي يتنافس فيها اللاعبون على الكرة، لكنه في الحقيقة يعكس حجم الإنجازات الكبيرة التي حققتها السعودية، ليس في ميادين الرياضة وحسب، وإنما في مجالات الاقتصاد والإدارة والسياسة وغيرها. ‏
جردة إنجازات «الزمن» السعودي الجديد طويلة، أبرزها ما حدث من تحولات اجتماعية عميقة داخل المجتمع، أفرزت منه أفضل ما لديه، وما شهدناه في المونديال يشكل «عينة « دالة على تلك التحولات التي أطلقت عقل المواطن السعودي ووجدانه، وحررته من كثير من القيود و العوائق، ليجتهد ويبدع ويخدم بلده بأفضل ما يكون، ذلك أن سلوك المجتمع هو انعكاس لسلوك الدولة ونظامها السياسي، وهذا ربما يكفي لفهم معادلة النهضة و»رحلة التحول «، و رؤية 2030 التي يسير على سكتها أشقاؤنا في المملكة السعودية.
‏الرسائل التي وصلتنا، وما تزال، من الرياض، تستحق الاحتفاء والتقدير، لكن الأهم أن نقرأها، كعرب ومسلمين، بعقول مفتوحة على هذا العالم الذي يتغير، ونحن جزء منه، وبمقدورنا أن نكون مثله أو أفضل، فلدينا ما يكفي من الموارد الطبيعية و الكفاءات البشرية، و الادمغة المميزة، لكي نباشر عملية العمران البشري، ونتقدم على طريق التحضر والإنجاز، لنصبح أندادا للأمم، لا مجرد تابعين، ونشتبك مع الحياة، بما تستدعيه من عمل وعزيمة وإنتاج، لكي تمنحنا ما نرجوه من رضا وسعادة، لا أن نكون مجرد مجاميع من المستهلكين واليائسين، المقهورين من عقدة تأخر بلدانهم، وصدمة تقدم الآخرين عليهم.
اعتزازنا بإنجاز الأشقاء، سواء في السعودية او قطر او غيرها من بلداننا العربية، يكشف حقيقة شعوب هذه الأمة العربية التي تتوحد مشاعرها وتتكاتف في كل مناسبة، حزينة أو مبهجة، كما يكشف قيمة هذا الإنسان العربي الذي يفاجئنا، على الدوام، بما يمتلكه من أصالة وكفاءة وإبداع، ورغبة بالخروج من المآتم التي تحاصره من كل اتجاه، تكشف، ثالثا، أن الإرادة السياسية، متى توفرت، ومتى تعانقت مع إرادة الشعوب، فإنها يمكن أن تتجاوز بهم كل الصعاب، وتصنع من خلالهم الفرق، وكل نجاح.
‏بقي نقطة مهمة، وهي أن»قمرة « القيادة في عالمنا العربي تبدو اليوم فارغة، وهي تبحث عمن يملؤها، ومن الإنصاف والواجب، أيضا، أقول بأن السعودية الشقيقة، بما تمتلكه من مقومات سياسية ومادية، و إنجازات، وما تحظى به من ثقة واحترام في عالمنا العربي، مؤهله لتكون»قاطرة» للعمل العربي المشترك، وصاحبه الكلمة الجامعة فيه، فأمتنا أحوج الآن ما تكون لـ»رأس» عاقل، يقود جسدها المثخن بالجراحات، والمزدحم بالاشواق والطموحات والآمال، إلى دفة السلامة، ومنصات التقدم والإنجاز، في الإقليم والعالم أيضا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى