محليات

719 حكما بـ”العقوبات البديلة” في 3 سنوات

أخبار حياة – فيما أصدرت المحاكم الأردنية 719 حكماً بـ”عقوبات بديلة” خلال 3 سنوات، دعا حقوقيون ومختصون في علم النفس والاجتماع الى ضرورة التوسع في هذه العقوبات”، ومنها “العقوبات المجتمعيّة”، مشيرين الى آثارها الإيجابيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والنفسيّة على مستوى الفرد والمجتمع.

ويرى هؤلاء أنّ التوسع في هذه العقوبات يوفر على الدولة أموالا طائلة من حيث تكلفة السجين ويخفف من اكتظاظ السجون، فيما يخلق موقفا ونظرة ايجابيّة من المواطنين تجاه الدولة والجهات التي تصدر وتطبق العقوبات.

وعلى مستوى الفرد، أشار الخبراء الى أنّ هذه العقوبات تقي المحكوم عدّة أمراض نفسية وجسديّة ترتبط بالسجون وأهمها الصدمة والاكتئاب والغضب وغيرها.

واشترط آخرون ضرورة أن تنفذ هذه العقوبة تحت اشراف جهات متخصصة وضمن خطة واضحة محكمة، وأن تكون في مؤسسة طبيعة نظامها تأديبي، مع التأكيد على ضرورة ألا تتحوّل هذه العقوبة الى “وصمة” على الشخص، وألا تبتعد عن الهدف الأساسي منها وهو دمجه في المجتمع مع الحرص على ألا تؤدي الى تعزيز ودفعه إلى تكرار الجريمة.

يشار إلى أنّ العقوبة المجتمعيّة تمّ ادراجها في التشريع الأردني في 2017، حيث نصت المادة 25 من قانون العقوبات المعدل لسنة 2017 على اعتبار الخدمة المجتمعية عقوبة بديلة تتمثل في استبدال عقوبة الحبس بعمل غير مدفوع الثمن لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة، بحيث لا تقل عن 40 ساعة، ولا تزيد على 200 ساعة، وينفذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة تحت الرقابة، وفي حالات الأحكام التي لا تزيد على سنة واحدة.

ومنذ العام 2019 ولغایة نهایة 2021 صدر عن المحاكم ما مجموعه قضائیاً قضى بعقوبة مجتمعیة.

وبحسب التقرير السنوي لأوضاع المحاكم النظامية والقضاء الإداري والنيابة العامة للعام 2021 تمت الاشارة الى أنّه وفي 2021 تقرر تطبیق 302 عقوبة مجتمعیة، كما تم تنفیذ ما مجموعه 371 عقوبة مجتمعیة.

مدير المشاريع في المنظمة الدولية للاصلاح الجنائي محمد شبانة قال إنّ العالم يتجه حاليا الى التقليل من استخدام العقوبات السالبة للحريّة مقابل عقوبات لا يكون لها تأثير اقتصادي أو اجتماعي على المحكوم عليهم، وبشكل لا يؤثر على حقوق المواطنين.

وبالإضافة الى ذلك، فإنّ هذا التوجه يأتي في ظل الاكتظاظ الحاصل في السجون، والذي أدّى الى تقليل الالتزام بالمعايير الدوليّة لمعاملة السجناء، وفي ظل تزايد الضغط الحاصل على الجهات القائمة على إنفاذ القانون.

وتقلل العقوبات البديلة من الكلف على الدولة، خصوصا أن تكلفة السجين في الأردن مرتفعة وتصل الى حوالي 750 دينارا شهريا.

وأكد شبانة أنّ العقوبات البديلة تحقق الهدف من العقوبة، وتزيد من نسب الأمن والسلم المجتمعي، حيث تخفض من انعكاسات وآثار الاحتجاز والحبس على المحكوم عليه، كفقدان الوظيفة، والتأثير على علاقاته الاسريّة الاجتماعيّة، اضافة الى تقليل فرص “الوصمة الاجتماعيّة” ما يؤثر على اعادة اندماجه في المجتمع.

ولفت الى أنّ العقوبات البديلة تقلل أيضا من فرص تكرار الجرائم، خصوصا في حال الاختلاط بمجرمين آخرين قد يؤثرون سلبا على المحكوم.

وأشار الى أنّ العقوبات البديلة والتصالحيّة بشكل عام تنهي شعور الضحايا بالذنب، وتقلل من فرص “استيفاء الحق بالذات” من خلال استيفاء الحق لصاحب الحق.

أما أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي فقال إنّ لهذا التوجه آثارا إيجابية كبيرة على المجتمع من عدة نواح، أولها تغيير نظرة المواطنين الى الدولة والجهات القائمة على إنفاذ القانون والعدالة، حيث تتكون لديهم انطباعات ايجابيّة خصوصا في الجرائم التي تكون خارجة عن إرادتهم.

كما أنها، وفق خزاعي، تحمي الشخص المحكوم من الاختلاط الاجباري مع المجرمين، وتقيه من التعرض لأمراض نفسيّة وجسدية مرتبطة بالسجون، ناهيك عن حمايته من يتعرض مصدر رزقه للتهديد، موضحا أنّ هناك أمراضا عدة نفسية قد يتعرض لها من يدخل الى السجن، مثل الاكتئاب والغضب والتوتر وغيره، ومشيرا الى أنّ السجين قد يتعرض لصدمة السجن أو صدمة الافراج والخوف من ألا يكون مقبولا في المجتمع بعد خروجه من السجن.

وأضاف أن هذه العقوبة تتيح للمحكوم التعرف على المجتمع واحتياجاته أكثر، وبالتالي زيادة انتمائه.

ويدعو الخزاعي بأن يتم التوسع بالعقوبات البديلة خصوصا على النساء، حيث إن القضايا التي يحكمن بها تكون عادة ضمن الجرائم التي تنطبق عليها العقوبات المخفضة.

ويرى خزاعي ضرورة التوسع في “العقوبات البديلة” خصوصا اذا “ما عرفنا أنّ هناك حوالي 2500 سجين بنسبة 26% من الموجودين في مراكز الإصلاح عقوبتهم أقل من سنة، ما يؤدي الى التخفيف من اكتظاظ السجون وتخفيض التكاليف التي تتحملها الدولة على هؤلاء”.

ويقترح أن يتم التوسع في مثل هذه العقوبات حتى في المؤسسات الأخرى كالجامعات “فبدلا من فصل الطالب كعقوبة تأديبيّة من الممكن أن تكون هناك بدائل بخدمة مجتمعيّة”.

وتضم السجون (مراكز الإصلاح والتأهيل) في المملكة نحو 21 ألف نزيل، فيما تبلغ طاقتها نحو 13 ألفا و500 نزيل، علما أنّ هناك 17 مركزا للإصلاح والتأهيل، منها مركز واحد مخصص للنساء.

وتقدر التكلفة الاقتصادية للنزيل في مراكز الإصلاح بنحو 700 دينار شهرياً بحسب بيانات مديرية الأمن العام، أي أنّ تكلفة الـ21 ألف نزيل تصل الى نحو 14.7 مليون دينار شهريا، وبواقع 176 مليونا سنويا.

المستشار التربوي والاسري والباحث في علوم النفس الإنسانية الدكتور خليل الزيود يرى أنّ مثل هذه العقوبات “ممتازة” بشرط أن تكون ضمن رقابة ونظام محكم يحقق الهدف منها.

ولفت الزيود الى ضرورة تطبيق العقوبة المجتمعية تحت اشراف جهات مختصة وضمن خطة واضحة محكمة، كما يرى ضروة أن تكون في مؤسسة طبيعة نظامها يهذب ويفرض برنامجا وجدولا من شأنه أن يؤدي الغاية المرجوة من العقوبة.

كما شدد على ضرورة أن يعي من تقع عليه هذه العقوية الغاية من العقاب في تهذيب النفس وليس “الهروب من إصدار الحكم”.

وأكد ضرورة الحرص على ألا تتحول العقوبة الى “وصمة” على الشخص، وان لا تبتعد عن الهدف الأساسي منها وهو دمجه في المجتمع، مع الحرص على ألا تؤدي أيضا إلى تعزيز ودفع هذا الشخص الى تكرار الجريمة.

وتدرج وزارة العدل العقوبة المجتعمية ضمن ما يسمى “بدائل الإصلاح المجتمعي”، والتي عرّفتها بأنّها “عقوبة بديلة عن العقوبات السالبة للحريّة (الحبس)”، وتصنفها الى 3 أنواع، الأولى الخدمة المجتمعيّة التي تلزم المحكوم عليه بالقيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة ولا تزيد على 200 ساعة، على أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة.

والثانية هي المراقبة المجتمعيّة والتي تلزم المحكوم عليه بالخضوع لرقابة مجتمعية لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات.

والثالثة هي المراقبة المجتمعيّة المشروطة بالخضوع لبرنامج تأهيل أو أكثر، حيث يتم يلزم المحكوم عبالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة يهدف الى تقويم سلوكه وتحسينه.

المصدر
الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى