مقالات

صحافة متأخرة خطوتين

من مفارقات الإعلام
العربي أنه يعتم هو نفسه على حالته التي يقدرها “مؤشر حرية الصحافة العالمي”، كلما
صدر سنويا. وينسجم هذا السلوك مع النمط المفروض على عقل المنطقة وسلوكها: إذا كان
لديك موطن للشكوى، فليس مسموحا بالمجاهرة بالشكوى. وإذا كانت الحقيقة تكشف عن
إخفاق، فتحسن إدارة الوجه إلى الجهة الأخرى وإطفاء الضوء عن الحقائق واعتبارها غير
موجودة. ينبغي أن تجري الحياة كالمعتاد، ولا ينبغي أن يعني التقييم السيئ مراجعة
النهج والبحث عن سبل لتخطي الإخفاق والارتقاء في ترتيب الأمم. كيف نفعل والمنطقة
تدار على أساس إبقاء كل شيء على حاله؟

من مظاهر ذلك أن
الأخبار الصحفية التي صدرت في الدول العربية عن “المؤشر” هذا العام، تجاهلت في
كثير من الأحيان ذكر مركز الدولة المعنية بين الدول الـ180 المصنفة. وتم التركيز
بدلا من ذلك على مركز الدولة بين الدول العربية، لصرف النظر عن مركزها العالمي.
وفي هذا خطأ مهني أساسي لأن ترتيب الدولة العالمي هو الخبر. وبطبيعة الحال، يسهل
إجراء بحث صغير لمعرفة ترتيب الدول في العالم، لكن احتمال كسل الجمهور في إجراء
البحث الإضافي متغير تمكن الاستفادة منه لإبعاد الحقيقة خطوة
.

الترتيب على “موشر
حرية الصحافة العالمي”، و”مؤشر السعادة العالمي”، و”مؤشر مدركات الفساد”، وأي
مؤشرات دولية من هذا النوع، هو وضع للدول أمام المرآة لترى حقيقتها. وإذا كان
الأداء في كل هذه “المساقات” رديئا والعلامة منخفضة حتى عن المتوسط، فإن الدول
تكون متخلفة فقط، ولا يجوز أن تتحدث عن التقدم والتحضر والإصلاح والديمقراطية
والشفافية وكل شيء إيجابي آخر في مفردات الحضارة والسياسة. وإذا كانت العلامات
تراوح في المكان أو تتراجع، فإن الإنكار هو أسوأ ما يمكن اختياره لتعريف المشروعات
الوطنية
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى