الرئيسيةمحافظات

طلاق القاصرات في الأغوار.. دفع الثمن مرتين

أخبار حياة – بنظرة مجتزأة، اختزلت معاني الحياة الزوجية بلوحة ضيقة لا تتسع لأكثر من ارتداء “فستان أبيض” في حفل زفاف لا يدوم لأكثر من ساعتين، لتنتهي بعده حياة الطفولة، فيما لا يكاد يمضي وقت قصير حتى تظهر الصورة الخلفية للوحة التي تحمل حقائق التحول الطفولي الى الوعي المبكر، وبين القدرة على الادراك وعدمه، تتعدد سيناريوهات القصة من اختيار مكره على الطلاق او استمرار قهري بالزواج.
قاصرات مطلقات، حالة تعبر عن الخلط غير المقصود بين براءة العمر وعمق التجربة الفاشلة، فيما بطلاتها بين حنين العودة الى حياة اقرانهن، وقيود الطلاق التي تفرضها نظرات مجتمع قد لا ترحم.
في مثل هذه الأوضاع، تكمل العديد من القاصرات المطلقات بالأغوار الشمالية حياتهن، وفيما يواجه بعضهن قسوة الحياة بعزيمة العودة الى مقاعد الدراسة والبدء من جديد في حالة اجتماعية قد لا تنسجم وبيئة العملية التعليمية، تضطر أخريات وتحت سقف قيود العادات المهدوم، الى جلوس مفتوح المدة بمنزل والديها.
ورغم أن الحكاية لا تقتصر على مناطق الأغوار، إذ إن زواج وطلاق القاصرات حالة عامة بالأردن، غير أن للأغوار خصوصية التجربة التي تجعلها تخرج عن حسابات الأرقام والاحصائيات، ليس من منطلق الكثرة او القلة بعدد الحالات، ولكن من حجم المعاناة التي قد تواجه فتيات الأغوار باعتبارهن وان جاز التعبير ضحايا “الوجود اللاإرادي في مناطق العوز والتهميش”.
عموم الظاهرة بالأردن وخصوصية التجارب
قبل الانتقال الى خصوصية الاغوار ومبررات زواج القاصرات ومعاناة طلاقهن، وتحديدا في اكثر البؤر معاناة من التهميش وهي منطقة المخيبة التي تتبع اداريا الى لواء بين كنانة وتحسب اجتماعيا واقتصاديا ومناخيا ضمن شريط الفقر الغوري، فإن التدليل على حجم الظاهرة بعومهما، يكشف عن أن عام 2020 قد سجل 185 عقد زواج و 47 حالة طلاق في الأردن يوميا.
ووفق التقرير الإحصائي السنوي 2020 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فإن عام 2020 شهد تسجيل 67389 عقد زواج و 17144 حالة طلاق، وبلغت نسبة تزويج القاصرات خلال نفس العام، 11.8 %، بعدد عقود زواج لقاصرات بلغ 93 ألف عقد زواج خلال 10 سنوات.
بطبيعة الحال، تدخل منطقة المخيبة والمقسومة الى بلدتين المخيبة الفوقا والتحتا ضمن هذه الاحصائيات والارقام، ومع غياب تحديد دقيق لحصتها الرقمية، يبقى التعرف على قصص طلاق القاصرات هو الابرز، من خلال روايات فتيات عايشن التجربة بكل تفاصيلها وحيثياتها.
الفقر.. ذريعة أم سبب قاهر؟
أم رامي من سكان المخيبة الاكثر فقرا وعزلة، تصف اوضاع الأسر بـ”المأساوية”، حيث تعاني غالبية الشباب من البطالة، كما أن عددا لا بأس به من ارباب الاسر اما مسجونين لسبب أو لآخر، أو متعطلين عن العمل.
تقول ام رامي وهي ربة منزل وأم لـ6 اطفال والدهم بالسجن، “المنطقة تفتقد الى كل شيء، وغياب الخدمات انعكس على حياة السكان اليومية ومستقبل ابنائها وبناتها”.
وتتابع “هناك عدد كبير من الفتيات يتزوجن بسن مبكر بعضهن دون سن الـ14 عاما، مقابل ارتفاع حالات الطلاق لتلك الزيجات، اضافة الى وجود حالات عنوسة كثيرة بين الشباب والشابات”.
وترجع ام رامي اسباب الزواج المبكر الى غياب الخيارات عند فتيات المنطقة، بعد ان تصبح الفتاة عبئا على اسرتها، فيما يعد الزواج خيارا للتخلص من التواجد المكلف بمنزل العائلة.
ام رامي التي بدا عليها اليأس مما وصلت اليه حال المنطقة وسكانها تجد في مناشدة ما أسمتهم بـ”أهل الخير” طريقا للحد من المعاناة المستمرة.
في محاولة للاقتراب اكثر من تحديد الخلل، ترى ياسمين -اسم مستعار- من سكان المخيبة ان غياب المشاريع واهمال وتهميش المنطقة حوّل معظم الاسر الى اسر فقيرة، معتبرة ان وجود مشاريع تستقطب الفتيات سيكون له الاثر الكبير في الحد من زواجهن المبكر، لافتة الى ان هناك فتيات يرغبن في اكمال دراستهن بعد الصف العاشر في تخصصات مهنية غير ان غياب مدرسة تضم هذه التخصصات تجبر الفتيات على الجلوس بالمنزل بانتظار الزواج من اول عريس.
تقول ياسمين” وجود مراكز لتعليم الحرف اليدوية بالمنطقة او مدارس التدريب المهني، سيكون له اثر كبير على تغيير نظرة فتيات المنطقة وأسرهن لأوضاعهن”
وتتابع “لا يوجد ما تفعله الفتيات بعد الوصول الى سن معين غير الجلوس بالمنزل، فإكمال الدراسة خيار غير متوفر لمن يرغبن بالتخصصات الفنية، فيما الالتحاق بمدارس خارج المنطقة امر مرفوض عند العديد من الاسر ماديا واجتماعيا”.
وتكشف ياسمين عن أن هناك زيجات لقاصرات تمت عن طريق ما اسمته بـ”التزوير” وفيما امتنعت عن كشف التفاصيل بررت هذا التصرف الذي يتبعه بعض أولياء الأمور لتزويج القاصرات بـ”ضيق الحال والعوز الشديد”، قائلة “الزواج يعد سترة للفتاة”.
في حالة صريحة، تكشف احدى الامهات عن طريقة واسباب تزويجها لابنتيها في سن مبكر قائلة” عندما يصل الامر الى صعوبة تأمين الاكل والشرب لأفراد الاسرة، فإن زواج البنت افضل من جلوسها بمنزل لا يؤمن لها ابسط امور الحياه وهو الاكل”.
وتتابع الام التي فضلت عدم نشر اسمها” زوجت بنتين في عمر مبكر، اعرف اني ظلمتهما، ولكن ظروفنا صعبة ونعاني من شدة العوز، كنت اتمنى حياة مختلفة لابنتي لكن اوضاعنا لا تسمح”.
الأم التي أبدت ندما على ما اعتبرته “ظلما” بتزويج الفتيات في سن مبكر، خاصة وان بعض الزيجات يكون فيها الزوج اكبر بـ15 عاما من الزوجة واحيانا يكون متزوجا، تؤكد رغبة ابنتيها بالعودة الى المدارس التي حرمتا منها نتيجة الزواج.
وتشترط تعليمات منح الإذن بالزواج للفئة العمرية (15-18 عاماً) بألا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم المدرسي، إلا أن التحقق من توافر هذا الشرط يبدو مستبعداً في ظل عدم توفر الأرقام حول الملتحلقات بالتعليم في المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
وفي ورقة بحثية أعدتها جمعية معهد تضامن النساء وحملت عنوان “دور معايير منح الإذن بالزواج لمن هم أقل من 18 عاماً في الحد من تزويج القاصرات” ونشرت في وقت سابق توصلت الى “أن تزويج الفتيات المبكر يجعلهن من الناحية الفعلية فتيات غير مرغوب بهن على مقاعد الدراسة، ويزداد الأمر سوءاً في حالات الحمل وما ينتج عنه من مضاعفات ومشاكل صحية كونهن صغيرات، وما يترتب عليه من آثار كالغياب المستمر خاصة عند الوضع، ما يدفعهن الى الانسحاب من التعليم”.
وتظهرت أرقام دائرة قاضي القضاة أن 95 % من طلبات زواج الأطفال المقدمة لمكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري، تمت الموافقة عليها، العام الماضي 2021.
إنهاء التعليم الأساسي يمهد الطريق للزواج المبكر
تحت بند “غياب المراكز والمدارس المهنية”، يفرض ملف الزواج المبكر نفسه، في ترابط غير منطقي، يدفع ثمنه ابناء المنطقة من كلا الجنسين، فبينما قد تجد الفتاه نفسها قد خرجت من مقاعد الدراسة الى بيت الزوجية بسن لا يتجاوز 16 عاما، فإن العديد من الشبان وبعد ان ينهوا المرحلة الاساسية يجدون انفسهم إما جالسين بالمنزل او ينضمون الى صفوف العمالة اليومية بمزارع المنطقة.
فاطمة محمد في عمر الـ16 عاما، كانت قد اجبرت على ترك مقاعد الدراسة بعد ان اصرت على دراسة تخصص مهني لا يتوفر بمدارس المنطقة.
تقول فاطمة “رفضت والدتي فكرة اكمال دراستي بمنطقة أخرى، اجبرت على الجلوس بالمنزل وبعد فترة قصيرة صدمتني اسرتي بفكرة الزواج”.
وتصف فاطمة تفاصيل قصة تزويجها بـ”المعقدة”، موضحة ان سنها الصغير لا يسمح لها بالزواج، إذ قوبل الطلب بالرفض وهو ما دفع والديها الى تقديم اوراق للمحكمة تثبت انهم فقراء ويحصلون على راتب معونة وطنية وانهم يعانون من مرض الصرع وظروف الاسرة صعبة وتم رفع الكتاب الى العاصمة عمان، وبعد شهر من تقديم المعاملة جاء الرد بالموافقة”.
تتابع فاصمة، “شهور بسيطة على زواجي المبكر حتى انتهى بالطلاق، خرجت من منزل والدي وحدي بحجة الظروف الصعبة ورجعت اليه الآن واحمل في احشائي طفلا”.

ما تزال فاطمة تعاني كل يوم من تجربتها القاسية وتتذوق مرارة الايام، تراقب صباحا ومساء ذهاب زميلاتها وعودتهن من المدرسة، بينما احلام العودة الى الدراسة تحولت الى حسرات تحرق قلبها.
مها صابر وهو اسم مستعار، لا تختلف تجربتها عن فاطمة، اذ كانت تحلم بدراسة تخصص تصميم ملابس، وهو تخصص متاح فقط لـ12 طالبة من طالبات مدرستها ممن حصلن على أعلى معدل.
تقول مها، “انتهت احلامي بإكمال دراستي، وبدأت أحلم بالفستان الابيض، لم أجد من ينصحني، ولم يكن لدي اي خيارات، الآن انا مطلقة وأعيش ظروفا اجتماعية صعبة في اول عمري”.
مها التي تجد نفسها وسط ما اسمته “حياة الضياع” تحمل مسؤولية ما حدث لها الى الجهات المعنية التي تهمل المنطقة وتترك بناتها وابناءها في مواجهة مستقبل صعب في سن مبكرة، داعية الى ضرورة ان يتم انشاء مراكز لتدريب الفتيات على مختلف المهن كي لا يجبرن على ترك الدراسة ومن ثم الزواج.
في الناحية المقابلة، تتعدد تجارب شبان من ابناء المنطقة في الزواج من قاصرات، والتي انتهت بعضها بالطلاق، فيما استمرار بعضها لا يعني نجاح التجربة التي قامت من الاساس على ظروف معقدة.
ففي واحدة من اغرب حالات الزواج من قاصرة، لم يجد الشاب محمد -اسم مستعار- حلا لأزمته المالية سوى الارتباط بإحدى الفتيات القاصرات من اجل اخراج دفتر عائلة ومن ثم المضي بأوراق استحقاق المعونة الوطنية على اعتبار ان لديه اسرة ولا يمتلك اي دخل.
على وقع هذه الاوضاع، استمرت حياة محمد الزوجية بضعة اشهر، قبل ان تظهر المشاكل اليومية بينه وبين زوجته القاصر والتي من اهم اسبابها قلة الدخل وعدم القدرة على تلبية احتياجات المنزل اليومية، وفي سن مبكر يتطلب نضوجا مستحيلا من فتاة قاصرة لم تستطع الزوجة تحمل الاوضاع وانتهت الامور الى الطلاق لتضاف الى قائمة القاصرات المطلقات واللواتي من غير ذنب يدفعن الثمن مرتين.
في تجربة اخرى تبدو اقرب الى الواقع، يقدم الثلاثيني خالد العيسى وهو عامل مياومة على زواج من فتاة قاصر، بعد ان تم الاتفاق على العيش بمنزل والديه في غرفة مخصصه له ولزوجته.
يقول خالد، “الأمور لم تجر حسب الاتفاق، بدأت زوجتي تتذمر من العيش بمنزل الاسرة، تطورت المشاكل بيننا الى ان وصلت الى حد رفضها العيش بمنزل اسرتي وعودتها الى منزل اهلها رغم وجود اطفال بيننا”.
وتابع العيسى “الآن نعيش حياة الازواج المنفصلين، هناك قضية بالمحكمة للفصل بيننا، اتوقع ان تنتهي بالطلاق”.
العيسى رغم انه لم يبد ندما على الزواج من قاصرة، اعتبر ان فشل تجربته يعود الى عدم قدرة الفتيات بسن مبكر على تحمل اي اوضاع، مستدركا بالقول “المشكلة بأن معظم قبول الفتيات على الزواج المبكر يكون لأسباب مادية تعاني منها اسرتها ويعني الزواج بالنسبة للاسر الفقيرة اعفاءهم من مصروف بناتهم”.
ومع ان العيسى لم يقصد بكلامه خدش مشاعر الاسر غير انه كان يضع تصورا حول اسباب زواج وطلاق الفتيات بسن مبكر وفق تجربته، قائلا “الشاب قد يدفع الثمن مرة بزواجه من قاصر، الفتاة تدفع الثمن مرتين”.
عودة غير مستحبة إلى مقاعد الدراسة
تقول معلمة مدرسة فضلت عدم نشر اسمها خوفا من المساءلة “إنه يوجد في منطقتي الحمة الفوقا والتحتا 4 مدارس من بينها مدرسة ثقافة عسكرية وتضم من الصف الرابع ولغاية الثانوية العامة”.
واشارت الى “وجود مدرسة ثانوية للبنات ولكن تلك المدرسة تقتصر على تخصص الادبي وما يزال الحديث والعمل جار من اجل فتح شعبة لتخصص العلمي جراء معاناة الطالبات اللواتي يغادرن المدرسة بعد انهاء الصف العاشر”.
واضافت “أن هناك تخصصا واحدا مهنيا وهو تصميم الملابس وهذا التخصص يستوعب 12 طالبة فقط من منطقتي المخيبة الفوقا والتحتا”.
واكدت على ضرورة وجود بعض التخصصات المهنية التى تناسب طبيعة المنطقة كالتجميل والتصميم والتغذية والزراعة والفندقي والصناعي، او ايجاد طريقة تمكن الطالبات والطلاب من اكمال الدراسة والتحاق بمدارس خارج المنطقة لاكتساب مهارة وخبرة تساعدهم على مواكبة الحياة الصعبة، بدلا من الخروج من المدرسة والجلوس بالمنزل”.
وكشفت عن “مواجهتها لمشاكل نتيجة عودة طالبات الى مقاعد الدراسة بعد انقطاع استمر عاما بسبب الزواج الذي انتهى بالطلاق”، قائلة “اواجه متاعب وصعوبات من عودة الطالبات المطلقات الى الدراسة في بعض الاحيان، غير ان ذلك حق لهن ولا يمكنني التعامل مع هذه الحالات الا وفق الانظمة والقانون” معبرة عن ما تشعر به حيال هذه الفتيات بقولها “أشعر بالأسى لما وصلن اليه من حال ولكن يد واحدة لا تصفق”
واختتمت المعلمة حديثها بمناشدتها للجهات المعنية بضرورة ايلاء المنطقة مزيدا من الاهتمام ورفدها بتخصصات مهنية او ايجاد آلية معينة تمكن ابناءها من الالتحاق بالمدارس المهنية في مناطق اخرى من خلال توفير وسيلة نقل لهم”.
80 % من زواج القاصرات ينتهي بالطلاق بالمخيبة
على خجل مبرر، تبدو مسألة طلاق القاصرات وتبعاتها الاجتماعية والسلوكية بعيدة عن النقاش، والتي قد تخدش حياء المجتمع، او تكشف عن اوضاع من غير المستحب معرفتها.
تقول رئيسة جمعية تلال المنشية الخيرية تهاني الشحيمات “إن ما يقارب من 80 % ممن تزوجن بسن مبكرة في المنطقة آل بهن الحال إلى الطلاق”، مبينة “أن مشكلة الزواج المبكر اصبحت ظاهرة تقلق المجتمع الاردني ككل والمناطق الفقيرة على وجه الخصوص”
وأضافت، “أن معظم هؤلاء الفتيات يتعرضن لضغوط اجتماعية ونفسية كبيرة نتيجة طلاقهن في سن مبكرة، مشيرة الى “ظهور العديد من الامراض الاجتماعية وازدياد معدلات الجريمة”.
كما اشارت الى “أن هناك ارتفاع في عمليات الزواج المبكر بسن الـ16 وبعد الفشل في الاستمرار بالزواج تعود الفتاة اما الى المنزل او – وهو ما اعتبرته بـالأخطر- الى مقاعد الدراسة ما يوثر ذلك سلبا على الفتيات الاخريات من الناحية الاجتماعية وطريقة التفكير”.
واعتبرت “أن عودة الطالبات تكون حالات فردية، الهدف منها الحصول على شهادة الثانوية العامة للعمل بها خارج اللواء او مضيعة للوقت احيانا”.
وشددت على “ضرورة قيام المجتمع بواجبه تجاه هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي بين الأمهات والآباء عن اخطار الزواج المبكر والعواقب التي ستنعكس على الاسرة بشكل عام”، موضحة “أن العواقب غالبا ما تنعكس على الآباء والأمهات الذين يقعون ضحية لطلاق ابنتهم حتى وصلت الأمور في بعض الحالات الى طلاق الوالدين”.
وعزت الشحيمات اسباب طلاق الزواج المبكر الى “أن غالبية الفتيات اللاتي تزوجن مبكرا هن قاصرات ولا يعين ماهية الحياة الزوجية والمسؤوليات المترتبة عليها وعدم امتلاكهن للوعي الكافي لبناء شراكة حقيقية مع الرجل، بما يلبي احتياجات الاسرة”، مبينة “أن صغر عمر الفتاة لا يمكنها من القدرة على القيام بواجباتها الزوجية والمنزلية ما يسهم في حدوث الخلافات التي غالبا ما تنتهي بالطلاق”.
وشددت الشحيمات على “ضرورة منح الفتاة حقها الكامل في التعليم وعدم إخراجها من المدرسة لأي سبب كان، خاصة وأن نسبة كبيرة من هذه الفتيات يتجهن لسوق العمل في القطاع الزراعي لمساعدة أسرهن ما يجعلهن عرضة للاستغلال، الأمر الذي يدفع بالأهل إلى تزويجهن بسن مبكرة”، مشددة على “ضرورة العمل على تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأبناء لواء الغور ومناطقه بما يمكنهم من بناء أسرة قوية ومتماسكة”.
حل المشكلة بأخرى أكبر
تعتبر المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل (الأردن) ديالا الخمرة أن “زواج الاطفال شكل من اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، كما أنه انتهاك لحقوق الفتيات الاساسية”، لافتة إلى “أن التبعات السلبية لزواج الأطفال فهو من ناحية يحد من فرص الفتيات في التعليم والعمل ومن ناحية آخرى له مخاطر جمة على الصحة الجسدية للفتيات نتيجة الحمل والولادة في سن مبكرة”.
واشارت الى تبعات هذه الزيجات على الاسرة ككل قائلة “الطفلات في هذا السن غير قادرات على ادارة شؤون الاسرة وتربية وتنشئة الاطفال ما ينتهي في كثير من الأحيان بالطلاق”.
وحول الاسباب التي تدفع بالاسر لتزويج بناتهن قبل سن 18 تقول الخمرة “إنه لا يمكن حصر اسباب زواج الاطفال بجانب واحد فهي قضية لها اسباب اجتماعية واقتصادية متعددة ولكن غالبا ما يكون زواج الاطفال وسيلة تكيف سلبية للأسر للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها وفي احيان اخرى هي مسألة ترتبط بمعتقدات او موروثات اجتماعية تحبذ الزواج في سن مبكر”.
وتضيف، “من خلال برامجنا نعمل على توعية الفتيات والاهالي بتبعات زواج الأطفال وأن هذا النوع من الزيجات ليس حلا لاي مشكلة انما خلق لمشاكل جديدة”.
وتوضحت، “أن عمل المؤسسة يشمل الجانبين الوقائي والتدخلات تجاه الفئات الاكثر هشاشة وعرضة لهذه المشكلة وذلك ضمن نهج شمولي يضم الطفلات أنفسهن وأسرهن والمجتمع المحيط”.
منطقة مهمشة.. وغياب المدارس المهنية يشجع على زواج القاصرات
يضطر طلبة وطالبات المخيبة الى ترك مقاعد الدراسة، بعد الانتهاء من الصف العاشر والجلوس في المنازل او الالتحاق بسوق العمل لعدم توفر مدارس مهنية في المنطقة تمكنهم من اكمال تعليمهم الثانوي وتحقيق ميولهم ورغباتهم، فيما الالتحاق بمدارس خارج المنطقة يتطلب اجور نقل يومية ومصاريف لا يمتلكونها.
ويؤكد طلبة بالصف العاشر ان عدم توفر التخصصات المهنية كالاقتصاد المنزلي والصناعي والفندقي والزراعي حرمهم من إكمال تعليمهم لان اغلب الطلبة ظروفهم المالية جدا صعبة ويعاني الاهالي من ضيق الحال وعدم القدرة على تأمين أجور مواصلات الالتحاق بمدارس خارج منطقتهم، خاصة وان اقرب مدرسة مهنية تقع في الشونة الشمالية واخرى في منطقة مثلث سما الروسان.
ويطالب أهالي المنطقة من وزارة التربية والتعليم استحداث مدرسة مهنية للذكور والاناث، من اجل تمكين الطلبة من دراسة التخصصات المهنية، تساعدهم باكتساب مهارات تناسب طبيعة المنطقة وخصوصا انها منطقة سياحية ويوجد بها الحمة الاردنية والاطلالات الجميلة على نهر الاردن ناهيك عن المناطق الخلابة وتخلو المنطقة من وجود صالونات التجميل ومشاغل “الخياطة” او اي مهن اخرى.
الطالب نزار النابلسي كان يرغب بدراسة التعليم المهني لكي يتمكن من تحسين أحواله باكتساب الخبرة المهنية خلال الأول ثانوي والتوجهي من اجل الالتحاق بسوق العمل مبكرا، ولكن عدم توفر ذلك التخصص اجبره على الالتحاق بتخصص اكاديمي لا يرغبه، وكانت النتيجة ترك الدراسة بعد فترة والبحث عن اي عمل يمكنه من مساعدة والدته التي تعمل على تربية إخوانه الأيتام.
المواطن خالد من سكان المخيبة، احد الذين عاش تجربة تدريس ابنه بتخصص الزراعة في مدرسة وادي الريان بلواء الغور الشمالي.
يقول خالد، تدريس احد ابنائي خارج المنطقة شيئ مكلف، وهو امر لا يستطيع غالبية اولياء الامور بالمنطقة تحقيقه، خاصة وان المنطقة تعاني من الفقر والبطالة.
وتابع، ولدي محظوظ بان تمكن من دراسة التخصص الذي يرغبة وهو “الزراعة” غير ان هذه الرغبة تبقى احلام لدى العديد من ابناء وبنات المنطقة الذين يجدون انفسهم لضيق الحال وغياب مدارس المهني امام مستقبل صعب يخلو من اي امل.
يقول مصدر من مديرية التربية والتعليم في لواء بني كنانة “يوجد في اللواء تخصصات مهنية متعددة، ولكن لا يوجد مدرسة زراعية تمكن الطلبة من الالتحاق بهذا التخصص، غير ان الطالب بامكانه الالتحاق بمدارس محافظة اربد او الانتقال الى مديريات تربية اخرى”.
كما اشار المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه تجنبا للمسائلة الى ” انه رغم توفر بعض التخصصات المهنية ومراكز تدريب مهني، غير ان التحاق طلبة المخيبة بها قد يكون صعبا لدى البعض بالنظر الى بعد المسافة”.
واضاف “أن إنشاء مدرسة مهنية في الوقت الحاضر مكلف ماديا، ولكن يمكن استحداث فرع زراعي وآخر فندقي في مدارس المنطقة لتوفير بعض احتياجات الطلبة من الفروع المهنية”.
يذكر ان المادة (4) من تعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة رقم (1) لعام 2017 على أنه “يجب على المحكمة مراعاة ما يلي لغايات منح الإذن بالزواج: أن يكون الخاطب كفئا للمخطوبة وفقاً لأحكام المادة (21) من القانون. وأن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار التامين، وأن تتحقق المحكمة من الضرورة التي تقتضيها المصلحة وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة وبما تراه مناسباً من وسائل التحقق، وألا يتجاوز فارق السن بين الطرفين خمسة عشر عاماً، وألا يكون الخاطب متزوجاً، وألا يكون الزواج سبباً بالانقطاع عن التعليم المدرسي، وإثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية، وإبراز وثيقة الفحص الطبي المعتمد”. (علا عبداللطيف – الغد)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى