مقالات

أبناء القلعة

اقتبس هذا العنوان لهذه المقالة من رواية شهيرة للكاتب الراحل زياد قاسم لكن هذا الاسقاط نكرسه هنا لغايات اقتصادية محضة.

مؤخرا يجري تداول حديث فضفاض عن تعثر لرجال اعمال هنا وهناك وإفلاس وخروج لوكالات تجارية ونقل مصانع وشركات وراء اغراءات ومزايا تمنحها دول اكثر مما يمنحها الاردن ومعيقات موجودة في الاردن ليست موجودة في تلك الدول.

هذا صحيح، لكن أحدا لا يذكر الصامدين باصرار على التشبث بهذا البلد ممن لم يوسعوا او يزيدوا استثماراتهم فحسب بل اقاموا مشاريع جديدة ومضوا قدما وكنا نرى كيف يكافأ هؤلاء بالهجوم والإشاعات ووضع العصي بالدواليب.

هناك أسماء عريقة ثابتة هم بحق ابناء القلعة وهم اسوارها وبناتها.

وبينما كان هناك عناوين لتراجع اقتصادي وعلامات على سوء الأوضاع كان هناك دائما عناوين للتفاؤل والنجاح.

ولا أنقص من قدر وجهد أسماء لامعة في سماء الأعمال اليوم لكن هناك اوتاد راسخة على مر تاريخ هذه البلاد.

مياه كثيرة جرت منذ أسس الرعيل الأول الشركات الكبرى في الأردن قبل أن ترثها الحكومات بالتأميم، وينخرها الترهل وتأتي عليها الخسائر، ويتلقفها بعض من رجال الأعمال المستجدين، الذين لم يلتفتوا الى المبادئ التي بنيت عليها.

أذكر «الملكية الأردنية» وظروف قيامها ومثلها شركات أخرى في تلك الفترة «الضنك» من تاريخ الأردن. قيام «الملكية» كان تجسيدا لشراكة حقيقية بين القطاع العام الذي كان «خداجا» آنذاك وبين رجال اقتصاد يغالبون الظروف في أرض الإمارة آنذاك وآخرين لجأوا بمالهم وعائلاتهم ومستقبلهم إلى الأردن ليشكلوا فيما بعد ما عرف برأس المال الوطني الذي وطن النقود والخبرة في تشييد البنى التحتية والشركات الكبرى قبل أن يختطفه المنتفعون. الشركات الكبرى في الأردن قامت بمال القطاع الخاص، فلم تكن الحكومة تملك ما تقدمه سوى بنية تحتية غضة ومرافق مبتدئة، وهكذا كانت الشراكة.

على خطى «الملكية» كانت هناك شركات أخرى، أسسها رجال اقتصاد على ذات الخطى، مثل «الفوسفات» التي ولدت عام 1949 برأسمال 3000 جنيه فلسطيني وشركة كهرباء عمان في عام 38 «الكهرباء الأردنية» لاحقا ومثلها مصانع الإسمنت الأردنية، وشركة التنقيب عن المعادن، وشركة مصفاة البترول الأردنية.

الأمثلة السابقة تفرغ حديث اليوم عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص من مضمونه، وأكثر من ذلك هو حديث يصدر من أفواه عباقرة البيروقراطية وسدنة القطاع العام ممن لا يؤمنون بدور أو بصفة للقطاع الخاص سوى أن يكون دائما في قفص الاتهام.

في عالم اليوم مشاريع كبيرة راسخة ومستمرة بنتها اسماء كبيرة على طول البلاد وعرضها تقف خلفها عائلات واشخاص لم يستسلموا للظروف ولا للضغوط ولا للقوى الطاردة ولم تنل منهم الاشاعات ولا الكارهون لرأس المال الوطني.

لا يتسع هذا المقام لذكرهم جميعا لكن لا بد من أن تضع وزارة الاستثمار قائمة ذهبية تضمهم وتستفيد من تجاربهم وتتعلم من التحديات التي واجهتهم إلى طريق النجاح لخدمة الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى