محلياتمنوعات

البروفيسور الأردني عمر ياغي يبتكر مادة صلبةً مرنة.. تصلح لصناعات الفضاء والملابس المدرعة

أخبار حياة- ابتكر فريق من الكيميائيين في جامعة كاليفورنيا بيركلي (University of California, Berkeley)، بقيادة البروفيسور الأردني عمر ياغي، مادة جديدة تتسم بالمرونة والقوة والصلابة في الوقت نفسه.

وتتشكل هذه المادة من ملايين الجزيئات الدائرية الشكل والمتداخلة مع بعضها مثل الحلقات التي تشكل نسيج التروس الحديدية التي كان الفرسان يرتدونها قديما.

وتوقع الفريق الذي وصف تفاصيل هذا الإنجاز، في دراسة علمية نشرت حديثا في دورية “نيتشر سينثسيز” (Nature Synthesis)، أن تكون لهذه المادة تطبيقات متعددة رائدة في المستقبل بفضل خصائصها الفريدة.

مواد مرنة وصلبة في الوقت نفسه

في عام 2016 كان العالم الفرنسي جون بيار سوفاج من بين الفائزين بجائزة نوبل في الكيمياء لتوصله إلى تصنيع جزيء من نوع فريد يتخذ شكل الحلقتين المتداخلتين من دون روابط كيميائية، أطلق عليه اسم “الكاتينان” (Catenane)، واستخدم هذا الجزيء ليكون أساسا لصنع هياكل قادرة على الحركة أصبحت تعرف بالآلات الجزيئية.

لكن تصنيع هذه الجزيئات ظل مسألة شاقة ومضنية، لأن إضافة كل حلقة من الحلقات الجزيئية تتطلب إجراء تفاعل كيميائي خاص بها. لذلك، لم يحتو أكبر “جسم” نجح الكيميائيون في بنائه، منذ ابتكار سوفاج مادة “كاتينان”، سوى على 130 حلقة متشابكة لا ترى إلا بالمجهر الإلكتروني.

وقد نجح البروفيسور عمر ياغي وفريقه في إنتاج نوع جديد من “الكاتينان” بعدد غير محدود من الحلقات المترابطة وفي عملية كيميائية واحدة، وفق بيان نشر على موقع الجامعة بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني الجاري.

هذه المادة الجديدة، التي أطلق عليها ياغي اسم “كاتينان لا نهائية”، شبيهة بالحلقات الحديدية المكونة للتروس التي كان الفرسان يرتدونها خلال الحروب القديمة، لذلك فهي مترابطة ميكانيكيا ولا توجد بينها روابط كيميائية، وذلك ما يجعلها قوية وفي الوقت نفسه من السهل ثنيها دون أن تنكسر.

ويمثل هذا الابتكار “الخطوة الأولى نحو صنع مواد يمكن أن تنثني أو تتصلب استجابة للمنبهات”، كما يقول العالم الأردني موضحا أن هذه المادة “يمكن أن تكون مرنة للغاية في اتجاهات معينة، ويمكن أن تصبح صلبة في اتجاهات أخرى، فقط بسبب الطريقة التي يبنى بها الهيكل”.

الكيمياء الشبكية

هذه القفزة لم تكن ممكنة لولا استخدام نوع من الكيمياء اخترعه ياغي منذ أكثر من 30 عاما يسمى الكيمياء الشبكية تمكن من “خياطة كتل البناء الجزيئية في هياكل بلورية ممتدة بواسطة روابط قوية”، كما يقول العالم الأردني نقلا عن البيان المذكور.

وبفضل هذه الكيمياء الجديدة تمكن ياغي من إنتاج نوعين جديدين من المركبات الكيميائية هما: الأطر المعدنية العضوية وتعرف اختصارا باسم (MOFs)، والأطر العضوية التساهمية (COFs).

تشبه هذه المواد -المُرَكّبة من جزء معدني وآخر عضوي- الشبكة الثلاثية الأبعاد ذات المسام القادرة على تخزين جزيئات مادة أخرى. وقد استخدمت في عدد من التطبيقات الواسعة مثل تنظيف الهواء من الغبار، وتنقية المياه، والتقاط الماء من الغلاف الجوي، وإيصال الأدوية إلى داخل الجسم. وقد تم تصنيع ما يزيد على 100 ألف نوع من الأطر العضوية المعدنية حتى الآن.

خصائص فريدة وتطبيقات واعدة

ولتصنيع المادة الجديدة استخدم ياغي وفريقه هذه الأطر المعدنية العضوية لتركيب جزيء متكون من نصفين مترابطين بواسطة ذرة عنصر النحاس ومتداخلين مثل الحلقتين المفتوحتين. وتتفاعل هذه الجزيئات عند مزجها، لتشكل شبكة ثلاثية الأبعاد من لبنات البناء المتداخلة.

ما يميز الطريقة التي طورها الفريق هو أنها تتيح لهذه اللبنات المتداخلة بناء أنظمة متشابكة لها خصائص مثيرة في خطوة واحدة فقط، بدل إضافتها واحدة بعد أخرى لإنشاء هيكل أكبر.

ويقول عمر ياغي إن “هذه هي قوة الكيمياء الشبكية”، ويؤكد أن المادة المبتكرة ستكون لها “آثار مهمة حقا، ليس فقط فيما يتعلق بصنع مواد صلبة لا تتكسر، ولكن أيضا لابتكار المواد التي يمكن أن تدخل في صناعة الروبوتات والفضاء والبدلات المدرعة وأشياء من هذا القبيل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى