مقالات

الحجز التحفظي والدورة الاقتصادية!

الحجز التحفظي سلاح بيد المؤسسات الرسمية والأهلية للضغط على المدينين لتحصيل الأموال، لكن ثمة ثغرات لا بد من معالجتها لمصلحة عدم تعطيل الدورة الاقتصادية عموماً والمدينين خاصة.

التأثير السلبي للحجز التحفظي على جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة بما يتجاوز قيمة الدين, لا شك يعيق تحصيل الأموال خصوصاً وأنه يشل عمل الشركات والأفراد، ويمنعهم من التصرف بملكيات اخرى لتوفير سيولة لازمة لسداد الديون.

كان سقوط أو تعثر شركة ما أو رجل أعمال يعني بالضرورة تواتر وانكشاف العثرات التي تنهال مثل المطر، لكن في حمى التنقيب عن الفساد وشركات كثيرة عانت وما تزال من الحجز التحفظي الشامل بسبب مخالفات قد لا تتجاوز الغرامات فيها الألف دينار, بالمقابل كان ذلك كافياً لإيقاع الحجز التحفظي على الشركة وكبار المساهمين فيها ومن مديرها حتى أصغر المسؤولين فيها رتبة, وفيما كانت تطول فترة التقاضي ظل هؤلاء يرزحون تحت الحجز التحفظي مقابل قضايا لا تجد لها نهاية.

هناك دراسة رصدت مخالفات صريحة للقانون عندما يتم إيقاع الحجز التحفظي لقاء دين مستحق عندما يتجاوز السقف المحدد بضعف قيمة الدين ليشمل جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة.

تقول الدراسة إن النصوص القانونية تحصر الحجز بأن لا يتجاوز قيمة المبلغ المطلوب ونفقات الحجز (المادة 8 من قانون تحصيل الأموال الأميرية… وأن يحجز من مقتنياته بقدر ما يرى فيه الكفاية لتأدية المطلوب منه مع نفقات الحجز…)، وبالرغم من أن مجلس الوزراء قد انتبه إلى ذلك إذ نص في القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل لعام 2010 على أن يكون الحجز فقط بضعف المبلغ المطلوب حين يكون الحجز على أموال غير منقولة..

وينطبق الشيء نفسه في كثير من حالات الحجز القضائي التحفظي والتنفيذي إلا في حالات اعتماداً على شخص القاضي! وذلك بالرغم من أن قانون أصول المحاكمات نص في المادة 141 على (.. ولا يجوز أن يحجز من أموال المدين إلا بما يفي بمقدار الدين والرسوم والنفقات….) وبالرغم من أن قانون التنفيذ نص في المادة 58 على (… بما يعادل قيمة الدين وفائدته والنفقات…).

لكن ذلك لم يمنع بعض المؤسسات بما فيها الحكومية من استغلال هذه الثغرات باستخدام الحجز وبالرغم من أن ما فعلته الشركات المتخاصمة هو جزء من اللعبة الاقتصادية، إلا أن الضغط لاسترجاع مال متعثر لم ينجح إلا في حالات محدودة.

لا يعطل هذا الإجراء «المذنبون» في القضايا, بل يشل عمل الشركات بشكل عام ولفترات طويلة تستغرقها فترة التقاضي, ويمنع المرونة في تسوية القضايا المالية العالقة للغير.

بقي أن الحجز التحفظي لا يجب أن يكون مؤبداً, فإما أن تجد القضايا ذات الصلة حلولاً سريعة وإما أن ينتهي الحجز بمجرد البدء بإبرام التسويات, فما بالك باستمرار إيقاعه بحق أشخاص في قضايا لم تحول إلى المحاكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى