كيف تحقق الجامعات أقصى استفادة من الشركات الناشئة؟

أخبار حياة – الضغوط المالية التي تواجه العديد من الجامعات في المملكة المتحدة تدفعها للبحث عن مصادر جديدة للسيولة النقدية، لكن إليكم هذا الخبر غير السار لمن يأملون في أن تسد الشركات الناشئة عن أبحاث التكنولوجيا وعلوم الحياة هذا العجز، الخبر هو أنه ليس من المرجح أن تصاب الجامعات بخيبة أمل فحسب، بل قد تفوت أيضاً فرصة طويلة الأجل.
لا تأخذوا كلامي على محمل الجد، بل استمعوا إلى آن لين، التي ترأس جامعة «يو سي إل بيزنس» UCL Business، ذراع نقل التكنولوجيا التابعة لكلية لندن الجامعية، و«يو سي إل بيزنس» من جامعات «المثلث الذهبي» في الأبحاث، الذي يضم لندن وأكسفورد وكامبريدج، وهي من أنجح الجامعات في تحقيق أرباح تجارية من الاختراعات العلمية والطبية الصادرة عن أبحاثها.
أسهمت «يو سي إل بيزنس» في العام الماضي بمبلغ 6 ملايين جنيه استرليني كهبة لكلية لندن الجامعية، وحصلت على 18 مليون استرليني أخرى كإيرادات من ابتكارات مثل التكنولوجيا الكامنة وراء Roctavian، وهو علاج بالجينات للهيموفيليا A، ولديها حالياً 95 شركة ناشئة نشطة و24 علاجاً متقدماً يعتمد على أبحاثها في التجارب السريرية.
رغم ذلك يبقى هذا الرقم متواضعاً مقارنة بإيرادات «يو سي إل»، التي بلغت 2.1 مليار استرليني العام الماضي، من بينها 538 مليوناً من المنح والعقود البحثية.
وتقول لين: «الأكاديميون يرغبون في المشاركة، لأن ذلك يمنح أعمالهم تأثيراً واقعياً، أما الذين يأملون في تمويل البحث العلمي بالكامل من خلال شركات ناشئة فسيكون عليهم الانتظار طويلاً». أو استمع إلى اللورد جيم أونيل، رئيس صندوق الاستثمار الشريك «نورذرن غريتستون»، وهو صندوق استثماري شريك لجامعات ليدز ومانشستر وشيفيلد تبلغ قيمته 312 مليون جنيه استرليني.
يقول أونيل: «على الجامعات أن تدرك مدى خطورة الاستثمار في رأس المال المغامر، وألا تتوقع تدفقاً مضموناً للدخل. إذا حاولت الاستحواذ على الأسهم والتحكم الكامل في حقوق الملكية الفكرية فلن تتمكن من جذب المستثمرين».
أما الخبر الجيد هو أنه رغم التحديات المالية التي تواجه الجامعات، ورغم أن العديد منها دخل مجال تسويق الأبحاث متأخراً، فإن الفرصة لا تزال قائمة، فبمجرد أن تنجح بعض الرهانات على تقنيات معينة، وتتكون منظومة تتيح للباحثين تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناشئة بسهولة وانتظام، تصبح هذه الثقافة متجذرة في المؤسسة.
كلما كانت توقعات الجامعة على المدى القصير أكثر تواضعاً، وكانت أكثر مرونة في تأسيس شركات ناشئة أو ترخيص ملكيتها الفكرية، زادت مكاسبها في نهاية المطاف. وكما يقول ديفيد غريم، الشريك في شركة «ألبايون في سي» التي تعاون مع «يو سي إل» في إنشاء صندوقين استثماريين لدعم الشركات الناشئة: «من الأفضل أن تحصل على جزء صغير من كل شيء، بدلاً من محاولة التصرف كصندوق رأس مال مغامر».
بدأت الجامعات تدرك هذه الحقائق، مدفوعة بمراجعة أُجريت عام 2023، قادتها إيرين تريسي، نائبة رئيس جامعة أكسفورد، لتقييم ممارسات الشركات الناشئة.
وكشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة الأبحاث «بوهيرست» أن حصص الجامعات في الشركات الناشئة تراجعت إلى أدنى مستوى لها خلال عشر سنوات، لتصل إلى 16 % فقط، وهو ما يفتح المجال أمام المبتكرين والمستثمرين للاستحواذ على حصص أكبر.
ويؤدي الحصول على حصص أقل في حقوق الملكية واعتماد نموذج موحد بدلاً من التفاوض بشكل فردي وببطء على كل اختراع محتمل إلى تحقيق فائدتين، الأولى هي أنها تعزز التوسع، خصوصاً بالتعاون مع صناديق استثمار شريكة، والثانية هي أنها تمنح الجامعة دوراً اقتصادياً ملموساً، وتجذب الباحثين الذين يفضلون الجمع بين البحث النظري والتطبيقي، لكن لا يمكن اعتماد سياسة موحدة على امتداد مجالات البحث العلمي والتكنولوجي، ففي مجالات البرمجيات والذكاء الاصطناعي تتطلب الأفكار التجارية تطويراً من قبل رواد أعمال لتكتسب قيمة مالية فعلية، أما في علوم الحياة فإن العلاجات التي تخرج من المختبرات الجامعية يمكن أن تكون محمية ببراءات اختراع، وتوفر قيمة مستدامة.
لذلك تعتمد «يو سي إل» نهجاً منفتحاً نسبياً فيما يخص شركات البرمجيات الناشئة، حيث تشجع أصحاب الأفكار التجارية على تطويرها، وتمنح التراخيص مقابل 5 % فقط من الأسهم. أما في مجال الأدوية فتحتفظ الجامعة عادة بحصص أكبر أو تعمل مع الأكاديميين على ترخيص حقوق الملكية الفكرية لشركات التكنولوجيا الحيوية، وهو خيار أقل مخاطرة ويوفر تدفقاً للإيرادات من العائدات.
إن حقيقة امتلاك جامعة لندن مكتباً متمرساً لنقل التكنولوجيا يشكل عاملاً مساعداً، فقد وجه مركز الأبحاث «أونوورد» العام الماضي انتقادات إلى مكاتب نقل التكنولوجيا في العديد من الجامعات، واصفاً إياها بأنها تفتقر إلى التمويل والقدرات والخبرة اللازمة.
وكلما كبر حجم الجامعة ونشاطها في هذا المجال زادت فرصتها في العمل بفاعلية مع المستثمرين، واستقطاب تمويل لإثبات جدوى المشاريع الناشئة.
لذا، هناك أسباب عديدة تدفع الجامعات إلى أخذ مسألة الشركات الناشئة على محمل الجد، وإلى تمكين صناديق الشراكة مثل «نورذرن غريتستون» فبدلاً من محاولة سد العجز في الميزانية، ينبغي التركيز على جعل الجامعات بيئات أكثر انخراطاً وابتكاراً، فالعائد الحقيقي سيأتي مع مرور الوقت. البيان
اكتشاف المزيد من أخبار حياة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.