5 سيناريوهات لتعامل الشركات مع «رسوم ترامب» الجمركية

التعريفات تدفع شركات لخفض الإنفاق وتأجيل خطط التوسّع وتسريح موظفين
تحميل التكلفة الإضافية على المستهلك يعزز مخاطر «تراجع الطلب»
«الاستثناءات الجمركية» طوق نجاة على غرار «آبل» في العام 2019
لا يوجد ملاذ آمن واضح في ظل عدم استقرار المفاوضات
تغيير الموردين أو نقل الإنتاج ليس حلاً سريعاً للشركات
الرهان على المخزونات «مؤقت» وقد يؤثر سلباً على الربح
أخبار حياة – تواجه أغلب الشركات تحديات متزايدة في ظل تصاعد السياسات الحمائية وفرض الرسوم الجمركية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرد الصيني والأوروبي، ما يؤدي إلى اضطراب حركة التجارة، وزيادة التكاليف التشغيلية للشركات الأمريكية؛ خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية.
تُجبر هذه الإجراءات العديد من المؤسسات على إعادة النظر في نماذجها التجارية وتكاليف الإنتاج، وسط تصاعد الضغوط على هوامش الربح وارتفاع أسعار المواد الخام والمكونات المستوردة.
مع زيادة الرسوم الجمركية، تلجأ بعض الشركات إلى خطوات تقشفية تشمل تقليص الوظائف، أو نقل مراكز الإنتاج، ما قد ينعكس سلباً على أسواق العمل ويؤثر على الاستقرار الاقتصادي المحلي، خصوصاً في الدول الصناعية الكبرى.
كما تنتهج الشركات استراتيجيات متعددة تتراوح بين رفع الأسعار لتعويض التكاليف (وهو ما يُهدد بتراجع الطلب)، أو خفض الإنفاق الرأسمالي وتأجيل خطط التوسع (وهو ما يهدد بانخفاض الإيرادات).
كما يسعى بعض المصنعين إلى تنويع سلاسل الإمداد أو التفاوض على عقود جديدة تقلل من أثر الرسوم، أو التصنيع داخل الولايات المتحدة (وهو ما يستغرق وقتاً أطول لنقل الأعمال في الداخل وبناء مصانع جديدة).
ورغم أن هذه الإجراءات قد تخفف من حدة التأثيرات على المدى القصير، إلا أن استمرار السياسات الجمركية المتشددة قد يدفع، في تقدير العديد من المحللين، نحو إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، ويعزز عمليات إعادة التموضع الجغرافي للشركات.
تمرير التكلفة أو نقل الإنتاج
وعادة ما «تستجيب الشركات لارتفاع تكاليف المدخلات، كتلك الناجمة عن التعريفات الجمركية، برفع أسعارها .. وفي نهاية المطاف يتمثل الواجب الأساسي للشركة في تعظيم قيمة المساهمين، وليس المستهلكين»، وفق نائب رئيس محلل السوق مايكل مارتن، والذي يشير إلى أن الشركات العاملة في قطاعات التصنيع (حيث تخضع المواد الخام الرئيسة مثل الفولاذ والنحاس والألمنيوم، التي هي ضرورية للعديد من العمليات الصناعية، لرسوم جمركية باهظة) والسيارات وتجارة التجزئة من بين القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثراً بالرسوم الجمركية.
وبخلاف خيار «رفع الأسعار» وبالتالي تحميل التكلفة الإضافية على المستهلك، يلفت مارتن إلى سعي بعض الشركات أيضاً إلى «تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها»؛ لتقليل الاعتماد على دول محددة.
لكن تغيير الموردين أو نقل الإنتاج ليس حلاً سريعاً، في تقديره؛ ذلك أن تلك العملية تستغرق وقتاً، وفي الوقت الحالي، ومع استمرار عدم استقرار مفاوضات التعريفات الجمركية، لا يوجد ملاذ آمن واضح.
وشكلت سياسة إعادة التصنيع إلى الداخل إحدى الركائز الأساسية في استراتيجية الرئيس الأمريكي لتعزيز الاقتصاد الوطني، إذ دفعت شركات عملاقة مثل «آبل»، و«دياجيو»، و«جونسون آند جونسون» على سبيل المثال، إلى الإعلان عن ضخ استثمارات ضخمة تجاوزت 1.9 تريليون دولار داخل الولايات المتحدة منذ تولّي ترامب المنصب في يناير الماضي.
وتأتي هذه التحركات ضمن جهود أوسع لإعادة بناء القدرات الصناعية الأمريكية، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية، وتحفيز خلق الوظائف في الداخل.
ويقول البيت الأبيض: «إن الرسوم الجمركية من شأنها التشجيع على المزيد من إعادة التصنيع إلى داخل الولايات المتحدة، وذلك على غرار اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التي وقعها الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى، والتي شجعت نشاط التصنيع على التحول من الصين إلى المكسيك أو كندا».
لكنّ على النقيض من ذلك الهدف، تجد بعض الشركات نفسها في مأزق الرسوم مضطرة إلى عملية إعادة هيكلة شاملة، تتضمن التوسّع في عمليات تسريح الموظفين في ظل مخاوف الطلب، من بينها على سبيل المثال شركة صناعة السيارات ستيلانتيس، التي أعلنت قبيل أيام عن خططها لتسريح 900 موظف أمريكي (في منشآت ميشيغان وإنديانا) مؤقتاً، لا سيما أن تلك المنشآت متأثرة بالرسوم الجمركية، لجهة أنها تدعم مصانع التجميع في المكسيك وكندا، حيث تم إيقاف الإنتاج.
رهان «مؤقت» على المخزونات
من جانبه، يلفت المحلل المالي واستراتيجي الاستثمارات هاو دانغ، إلى أن «بعض الشركات قامت بتكديس المخزون مسبقاً (في وقت سابق قبل فرض الرسوم الجمركية) .. لكن ذلك كان يتطلب موازنة دقيقة، حيث إن الاحتفاظ بكميات كبيرة من المخزون غير المباع قد يؤثر سلباً على هوامش الربح».
لكنه يعتقد بأنه في الأخير من المرجح أن يكون الرد هو «تحميل أكبر قدر ممكن من التكلفة على المستهلكين»، مشدداً على أن «قوة (أو وتيرة) التسعير مهمة؛ لأن رفع الأسعار بشكل مفاجئ قد يُبعد العملاء».
وفيما يخص الخيارات الأخرى المرتبطة بالحصول على استثناءات أو إعادة توجيه الإنتاج، يشير دانغ إلى أن «دعم الموردين كان ممكناً في السابق، عندما كان باستطاعة الشركات أن تُعيد توجيه إنتاجها أو تحصل على المواد من دول تُطبق تعريفات جمركية مُيسّرة .. لكن يبدو أن هذه الجولة من التعريفات الجمركية مُعمّمة على جميع أنحاء العالم».
يُعدّ السعي للحصول على استثناءات جمركية من أبرز الأدوات التي قد تلجأ إليها بعض الشركات الكبرى؛ لتخفيف وطأة الرسوم التجارية، وهو ما يُجسّده بوضوح ما قامت به شركة «آبل» على سبيل المثال في العام 2019.
في خضم الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، تمكنت «آبل» في ولاية ترامب الأولى من الحصول على إعفاءات من الرسوم على عدد من مكونات جهاز «ماك برو» المصنّعة في بكين، بعدما وافق مكتب الممثل التجاري الأمريكي على 10 من أصل 15 طلب إعفاء تقدمت بها الشركة.
وبعد أيام فقط، أعلنت «آبل» أنها ستواصل تصنيع جهاز «ماك برو» في منشأتها في أوستن بولاية تكساس، وهو قرار نسبه الرئيس التنفيذي تيم كوك إلى التعاون مع إدارة ترامب.
تُظهر هذه الخطوة كيف يمكن للإعفاءات الجمركية أن تُستخدم كأداة تفاوضية استراتيجية بين الشركات والحكومات، خصوصاً عندما تكون سلاسل التوريد مهددة أو خاضعة لضرائب تجارية مرهقة مثلما هو الحال الآن فيما يتعلق برسوم ترامب.
لكن في المقابل أيضاً، أعلنت شركات أخرى عن خطط لتعزيز الإنتاج داخل مصانعها في الولايات المتحدة، كما هو الحال بالنسبة لجنرال موتورز على سبيل المثال، والتي ترفع معدلات الإنتاج في مصنعها في فورت واين بولاية إنديانا، حيث تُصنّع شاحنات خفيفة تُنتجها أيضاً في كندا والمكسيك.
موقف ترامب
الشريك الإداري لمجموعة سي بي إم للسلع، جيفري كريستيان، يقول «إن رسوم ترامب الجمركية تستمر في التغير مع كل تصريح يُدلي به (في إشارة لتعدد للتصريحات المتكررة للرئيس الأمريكي بشأن الرسوم ومستقبلها) .. ولذلك يستحيل الجزم تحديداً أي قطاعات الاقتصاد والسلع ستتأثر أكثر».
لكنه يشدد على أن معادن مجموعة الذهب والفضة والبلاتين مستثناة، ولكن قد تُدرج في رسوم جمركية تفرضها دول محددة، بما في ذلك المكسيك وكندا. ينطبق الأمر نفسه على النحاس والألومنيوم.
ومن القضايا التي يجب مراقبتها الرسوم الجمركية أو الحواجز التجارية التي تفرضها كل دولة على حدة على الصادرات الزراعية الأمريكية.
فقد فرضت الصين حظراً على استيراد بعض المحاصيل الأمريكية عندما فرض ترامب رسوماً جمركية عليها في إدارته الأولى. وقد تفعل ذلك مجدداً.
وبشأن الاستراتيجيات التي تستند إليها الشركات العاملة في تلك القطاعات؛ للتخفيف من أثر هذه الرسوم، يضيف المستشار العالمي في السلع والمعادن، أن «الشركات لم تُعلن الكثير حتى الآن، لكن افتراض CPM هو أن التكاليف المتزايدة للرسوم الجمركية ستُحمّل في الغالب على المستهلكين».
توقّعات:
1 – رفع الأسعار وتحميل التكلفة الإضافية على المستهلك
2 – تنويع سلاسل التوريد لتقليل الاعتماد على دول محددة
3 – تعزيز الإنتاج داخل المصانع في الولايات المتحدة
4 – إعادة هيكلة شاملة تتضمن تسريح الموظفين
5 – الحصول على استثناءات أو إعادة توجيه الإنتاج
البيان
اكتشاف المزيد من أخبار حياة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.