أخبار ساخنةفلسطين

تُشكل خُمس مساحة قطاع غزة.. ماذا تعني سيطرة الاحتلال على رفح؟

أخبار حياة – يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من أسبوعين عملية برية عسكرية متعددة المحاور، ابتداء من شارع صلاح الدين، أو ما يعرف سابقاً بمحور نتساريم، وسط القطاع، لتشمل مدينة رفح بالكامل وشرق مدينة خان يونس جنوباً، قبل أن تتسع إلى حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وبيت حانون وبيت لاهيا شمالاً، إلى جانب الشريط الساحلي شمالي القطاع.

وفي تكرار لما فعله جيش الاحتلال في شمال قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 فيما عرف بخطة الجنرالات، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن مساعي جيش الاحتلال لضم مدينة رفح، التي تشكل خمس أراضي قطاع غزة “إلى المنطقة العازلة التي تحظر إسرائيل على الفلسطينيين الوصول إليها”.

وتقول الصحيفة إن المنطقة العازلة التي يستعد جيش الاحتلال لإنشائها تبلغ مساحتها 75 كيلومترا مربعا وتقع بين طريقي فيلادلفيا وموراج وتضم مدينة رفح والأحياء المجاورة لها، جنوب القطاع الفلسطيني، ما يعني إبادة أي وجود للمدينة.

وأضافت “هآرتس” أنه بموجب ضم مدينة رفح والأحياء المجاورة للمنطقة العازلة لن يسمح جيش الاحتلال للمواطنين الفلسطينيين بالعودة إلى رفح “وينظر في هدم جميع المباني فيها”.

وتقول “هآرتس” إن ضم مدينة بحجم رفح إلى المنطقة العازلة الإسرائيلية الجديدة “سيحول قطاع غزة إلى جيب داخل الأراضي الإسرائيلية، ويبعده عن الحدود المصرية”.

واعتمدت الصحيفة في هذا الطرح على مصادر عسكرية إسرائيلية، مشيرة إلى أن الخطة المطروحة بشأن رفح والمناطق المحيطة بها بمثابة “تكرار لما تم فعله في شمال قطاع غزة”.

وفي 29 مارس/آذار الماضي، أعلن جيش الاحتلال تمدد عمليته البرية جنوب قطاع غزة لتوسيع المنطقة الأمنية العازلة التي أطلق عليها “منطقة التأمين الدفاعية”، فيما أنذر الفلسطينيين بمدينة رفح بالإخلاء الفوري.

وبعد أيام، بدأ جيش الاحتلال التوغل بشكل واسع في مدينة رفح ضمن عمليته العسكرية المتواصلة جنوب قطاع غزة، بعد جلبه الفرقة القتالية 36 إلى المنطقة.

ورأت صحيفة “هآرتس” أن الحديث عن ضم رفح للمنطقة العازلة يستند إلى طلب ناتج عن قرار القيادة السياسية بتجديد الحرب ضد قطاع غزة في مارس/ آذار الماضي، وعلى خلفية تصريح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ستسيطر على مناطق واسعة في قطاع غزة.

وتابعت قائلة: “الجيش بات يدرك أنّ إسرائيل لن تحصل على الأرجح على دعم دولي لعملية مطولة في قطاع غزة، حتى من الولايات المتحدة، وأنّ التهديدات التي أطلقها أعضاء الحكومة بشأن منع المساعدات الإنسانية لن تترجم على الأرجح إلى سياسة فعلية، ولذلك، يستعد الجيش لتركيز حملته على الأماكن التي يعتقد أنها ستشكّل ضغطاً على قيادة حماس”.

وتأتي مزاعم الصحيفة العبرية رغم فشل تل أبيب في فرض سيطرتها الكلية في مناطق شمال قطاع غزة، حيث حاولت على مدى أشهر إخلاء مناطق بيت لاهيا وجباليا من المواطنين الفلسطينيين أملا في إيجاد منطقة عازلة أوسع تفصل مستوطناتها عن القطاع.

وفي هذا الشأن، نقلت “هآرتس” عن جنود بالجيش الإسرائيلي انتقادهم لسياسات تل أبيب طوال مسار الحرب. وقال قادة وجنود احتياط للصحيفة إنّ “الجيش يكرر الرسائل من بداية الحرب، دون النظر إلى الواقع في عينيه (…) فالعمليات العسكرية تعيدنا إلى نقطة البداية دون أن يعرف أحد إلى متى، وما هو هدف العملية، وما هو الإنجاز العملياتي”.

وجاء ما كشف عنه “هآرتس” بعد أيام من إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت الماضي، بدء العمل العسكري في ما يُعرف بمحور موراغ جنوبي قطاع غزة، تبعها تحذيرات فلسطينية من أن الاحتلال يهدف من وراء هذه الخطوة إلى “استدامة احتلاله غزة وتقسيمها”، حيث يفصل المحور بين مدينتي رفح وخانيونس جنوبي القطاع.

ويحمل المحور اسم مستوطنة إسرائيلية كانت مقامة في قطاع غزة قبل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منه في 2005. ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس، صوراً قال إنها “للعمليات الأولى التي قامت بها قوات الفرقة 36 في محور موراغ”.

لا وجود لفلسطين

ويرى شدد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، أن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح سيعني التدمير الكامل، وسيعني أنه “لا وجود لفلسطين”.

وقال العميد حنا في حديث لقناة الجزيرة، إن الخارطة التي نشرتها هآرتس ليست جديدة، وإن ما أوردته هو عبارة عن تطور تكتيكي يخدم الهدف الإستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي والذي له علاقة بما يسمى خطة الجنرالات، وتهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وذلك بتهجير سكان المنطقة إلى الجنوب، ثم فرض حصار كامل على الشمال.

وأوضح أن المنطقة العازلة كانت بين 700 و1100 في 5 نقاط، ثم أصبحت أكثر من 100 متر بسبب الهدم الممنهج الذي قامت به قوات الاحتلال خلال عدوانها المستمر على مختلف مناطق القطاع الفلسطيني.

ووفق العميد حنا، فإن نتنياهو أعلن في السابق أن محور فيلادلفيا هو مسألة حياة أو موت لاعتقاده بوجود الأنفاق، مشيرا إلى أن صحيفة جيروزالم بوست ذكرت اليوم أن 25% فقط من أنفاق غزة دمرت.

ونبّه في السياق نفسه إلى تصريحات نتنياهو ووزير جيشه يسرائيل كاتس التي قالا فيها إنهم سيحتلون غزة إذا لم تُطلق حركة حماس سراح الأسرى الإسرائيليين لديها، وهي تصريحات تدخل في إطار مخطط الاحتلال للسيطرة على القطاع، كما قال العميد حنا.

وكان الخبير العسكري والإستراتيجي نفسه أكد في تحليل سابق أن تركيز الاحتلال على الشجاعية وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون هي خطط تكتيكية ضمن إستراتيجية كبرى تهدف إلى تقطيع قطاع غزة وعزل المدنيين عن المقاومة.

وعن تأثير عمليات الاحتلال في رفح على الحدود مع مصر، أوضح إلياس حنا أن إسرائيل وبعد سيطرتها على معبر رفح تعزل قطاع غزة بالكامل عن مصر، وهو أمر يستلزم اتفاقا آخر بين الجانبين، وتساءل عن موقف مصر: هل ستقبل بالوضع الراهن أم لا؟.

مناطق عازلة

باتت 65% من مساحة قطاع غزة مناطق يمنع جيش الاحتلال الدخول إليها بصفتها “مناطق عازلة” على حد زعمه، أو تحت إنذار الإخلاء، وفق ما أكد تقرير أممي نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في 4 أبريل/ نيسان الجاري.

وأوضح المكتب في تقريره أنه منذ 18 مارس/آذار الماضي أصدر جيش الاحتلال 13 أمرًا بالتهجير، ما وضع حوالي 126.6 كيلومترًا مربعًا، أو 35% من قطاع غزة، تحت أوامر التهجير القسري النشطة.

وبين التقرير أنه بالإضافة إلى هذه المنطقة، طلبت سلطات الاحتلال من الأمم المتحدة تنسيق التحركات إلى المنطقة المحظورة على طول قطاع غزة، وعبر منطقة وادي غزة (محور نتساريم).

وأقام جيش الاحتلال محور “نتساريم” مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 مع بداية الإبادة الجماعية بقطاع غزة ليعزل محافظتي غزة والشمال عن مناطق وسط وجنوب القطاع.

ويمتد المحور من أقصى الحدود الشرقية لقطاع غزة وصولا إلى شاطئ البحر غربا، ويتقاطع مع شارع صلاح الدين الرئيسي، قبل أن ينسحب الجيش منه في فبراير/ شباط، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية، الذي تنصلت منه إسرائيل لاحقا.

وأشار تقرير “أوتشا” إلى أن هذه المناطق مجتمعة تشكل 65% من مساحة قطاع غزة.

وحتى 18 مارس/ آذار، حينما انسحبت سلطات الاحتلال أحاديا من اتفاق وقف إطلاق النار، كانت “المناطق العازلة”، التي يمنع جيش الاحتلال الدخول إليها تقدر بنحو 17 بالمئة من مساحة قطاع غزة.

ومطلع مارس انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025. وبينما التزمت “حماس” ببنود المرحلة الأولى، تنصلت حكومة الاحتلال من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في الائتلاف الحكومي.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.​​​​​​​​​​​​​​


اكتشاف المزيد من أخبار حياة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة