رفح .. مدينة أشباح بعد أن محاها الاحتلال من الوجود

أخبار حياة – تحولت محافظة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى مدينة منكوبة بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل، والذي تسبب في دمار شامل للبنية التحتية والمرافق العامة، وأدى إلى إبادة جماعية طالت المدنيين العزل، في واحدة من أبشع صور التطهير العرقي التي يشهدها العصر الحديث.
ووفق بيان صادر امس عن المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الاحتلال الإسرائيلي حوّل محافظة رفح إلى “منطقة عمليات عسكرية مغلقة”، معزولة تماماً عن بقية مناطق القطاع، واستهدفها بمجازر مروعة خلفت دمارًا واسعًا طال كل مناحي الحياة.
دمار ممنهج رغم وقف إطلاق النار
ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، فإن قوات الاحتلال واصلت هجماتها، مسجلة سقوط عشرات الشهداء من المدنيين الذين حاولوا العودة لتفقد منازلهم المدمرة.
محافظة رفح التي تبلغ مساحتها 60 كم² وكان يقطنها نحو 300 ألف نسمة، باتت غير صالحة للعيش بعد أن دمر الاحتلال أكثر من 90% من منازلها بالكامل، بما يزيد عن 20 ألف بناية تحتوي على أكثر من 50 ألف وحدة سكنية، إلى جانب تدمير 22 بئر مياه من أصل 24، من بينها “بئر كندا” الرئيسي، ما أدى إلى حرمان عشرات الآلاف من العائلات من المياه الصالحة للشرب، وفق الإعلام الحكومي.
البنية التحتية تنهار.. والمدينة تغرق في الظلام والمرض
وأشار البيان إلى أن الاحتلال دمّر نحو 85% من شبكات الصرف الصحي، مما حوّل المدينة إلى بيئة موبوءة مهددة بتفشي الأوبئة. كما تم تجريف نحو 320 كم من الطرق، وتدمير 12 مركزًا صحيًا بشكل كامل، من بينها مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، ومستشفى الولادة، والمستشفى الإندونيسي.
وعلى الصعيد التعليمي، تعرّضت 8 مدارس للتدمير الكلي، فيما لحقت أضرار جسيمة ببقية المؤسسات التعليمية، كما دُمّر أكثر من 100 مسجد، وأبيدت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بما في ذلك الأشجار والدفيئات.
كارثة إنسانية متصاعدة
وذكرت بلدية رفح أن المدينة “منطقة منكوبة بالكامل”، بعد تهجير عشرات الآلاف من سكانها، وتدمير 30 من أصل 36 مقرًا حكوميًا، منها المقر الرئيسي للبلدية. كما دمّر الاحتلال منطقة بطول 12 كم وعمق يصل إلى 900 متر على الحدود مع مصر، ما أدى إلى محو 90% من الأحياء السكنية، خاصة في أحياء السلام، والبرازيل، والجنينة، ومخيم رفح.
وأضاف البيان أن استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم لأكثر من شهر ساهم في تفاقم الأزمة، حيث منع دخول الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه، وقطع الغيار الضرورية لإصلاح ما تم تدميره.
نداء عاجل إلى العالم
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية بتحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من المدينة المنكوبة، أبرزها:
- الضغط على الاحتلال للانسحاب من محافظة رفح.
- تأمين ممرات آمنة لإيصال الإغاثة للسكان المحاصرين.
- إرسال بعثات دولية لتقصي الحقائق وتوثيق جرائم الحرب.
- البدء الفوري بإعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية.
- محاسبة الاحتلال على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
محافظة مدمرة.. ولكن لم تُكسر الإرادة
واختتم البيان بالتأكيد أن رفح لم تُقصف فقط، بل تم تدميرها ومحوها بشكل منهجي يعكس نية الاحتلال في تفريغ الأرض من سكانها وتغيير معالمها الجغرافية والديموغرافية، إلا أن صمود أهلها سيظل شاهدًا على أن إرادة الحياة أقوى من آلة الموت.
اكتشاف المزيد من أخبار حياة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.