
أخبار حياة – قال رئيس مركز القدس للدراسات، الدكتور أحمد رفيق عوض، إن قرار حكومة نتنياهو ببدء تنفيذ مشروع “طريق نسيج الحياة” شرقي القدس، يعني تغيير شبكة الطرق في الطرف الغربي المحتل، بهدف خدمة المستوطنين، وتعزيز الضغط والسيطرة على حركة الفلسطينيين وثرواتهم.
وأضاف في حديثه لبرنامج استديو التحليل عبر أثير إذاعة حياة اف ام، أن “هذه مسألة استعمارية استيطانية معروفة”.
وأوضح أن الطريق ليس مجرد وسيلة للنقل، بل أداة ذات أهداف سياسية وديموغرافية وأمنية، مشيرًا إلى أن كيان الاحتلال استخدم شبكة الطرق في الطرف الغربي بكفاءة عالية جدًا، من خلال إنشاء الطرق الالتفافية والاستيطانية.
وبيّن أن الاحتلال غيّر شكل الطرق بين الشمال والجنوب، لتصبح أكثر مرونة لتحركات قواته العسكرية.
وقال: “إذا قام الاحتلال بتنفيذ هذا النفق، فسيُحكم السيطرة تمامًا على جنوب الضفة الغربية المحتلة، إذ يمكنه فصله عن باقي مناطق الضفة – الوسطى والجنوبية – في لحظة واحدة”.
وأشار إلى أن هذا النفق، إذا ما تم إنجازه، يُطلق عليه اسم “نسيج الحياة”، وهو اسم مخادع للغاية، إذ لا ينسج الحياة، بل يفرضها قسرًا، لأنه يفصل الفلسطيني عن أرضه وعن نسيج مجتمعه.
وتابع: “من يريد العبور إلى مطار بن غوريون أو إلى الخليج، لا يوجد أمامه سوى طريق واحد يُعرف لدى الإسرائيليين باسم ‘عابر السامرة’، هذا الطريق لا يمكننا المرور فيه بسهولة، ومن يغامر بالعبور قد يعرّض نفسه للخطر.
وأوضح أن الطرق في الضفة الغربية المحتلة تحولت إلى أدوات للعقاب وأدوات جذب في الوقت نفسه، جعلت من الحياة العملية والمهنية والاجتماعية للفلسطينيين جحيمًا.
وفي ما يتعلق بتوقيت تنفيذ المشروع، أشار إلى أن حكومة نتنياهو الحالية تُعد حكومة استيطان متطرفة، ترى أن هذه اللحظة التاريخية مناسبة جدًا لتعزيز الاستيطان، كما أن كيان الاحتلال يعتقد أن الظرف الراهن يُمكّنه من تحقيق كل أهدافه.
من جهته، أكد الباحث في الشأن الفلسطيني، زياد ابحيص، أن تطورين بارزين طرآ مؤخرا على السياسة الإسرائيلية، يتمثل الأول في صعود الصهيونية الدينية وتحكمها بمقاليد الحكم، وهي التي تدفع إلى ضم الضفة الغربية باعتبارها “المشروع السياسي المركزي”، فيما يتمثل الثاني في المضي نحو استراتيجية الحسم كجواب على معركة “طوفان الأقصى”، وتحويل الحرب الجارية إلى حرب تصفية شاملة على كل الجبهات، وليس فقط على جبهة غزة.
وقال ابحيص خلال حديثه لبرنامج استديو التحليل عبر أثير أذاعة حياة أف أم، إن المطلوب اليوم هو إنهاء فكرة إمكانية قيام دولة فلسطينية، وإنهاء التمهيد لضم الضفة الغربية، مشيرا إلى أن هذا المسار يجعل شمال الضفة الغربية وجنوبها مربوطين بخيط تحت الأرض يمكن قطعه بسهولة عبر حاجز بسيط، مما يعزل المدن الفلسطينية عن بعضها.
وأوضح أن الضفة الغربية تتكون اليوم من كانتون شمالي وآخر جنوبي، وأن الاحتلال يخطط لفصل أجزاء الكنتون الشمالي (طولكرم، قلقيلية، جنين، نابلس) عن بعضها البعض، لتصبح جزرا منفصلة، في ما يعرف بـ “سيناريو الجزر السبع”، وهو ما يهدف إلى تفكيك التماسك السياسي والجغرافي، وإنهاء السلطة السياسية المشتركة، وتفكيك الجسم الفلسطيني الموحد.
وأشار ابحيص إلى أن الطريق الجاري العمل عليه سيسمح بضم كتلة “معاليه أدوميم” التي تبلغ مساحتها 70 كم² إلى المركز الاستيطاني غرب القدس، وهو ما سينهي فعليا أي تواصل جغرافي بين شمال الضفة وجنوبها.
وقال إن هذا الضم يجب أن يتم خلال ولاية ترامب، الذي اعترف سابقا بالقدس عاصمة للاحتلال، مما يسهل تثبيت حدود جديدة تعترف بها الإدارة الأمريكية، مضيفاً أن الاحتلال يستغل حالة موازين القوى الراهنة للمضي في مشروع “التصفية الشاملة”.
وأشار إلى أن إغلاق الطرق في الضفة سيجعل السفر من الخليل إلى الأردن أسهل من الوصول إلى نابلس، محذرا من أن هذا الواقع يمس الأردن مباشرة، وسأل: “أين الدور الأردني الفاعل؟ وأين الاعتراض الحقيقي على ما يجري؟”.
وأكد أن هذا الواقع سيمهد لتهجير بطيء للسكان الفلسطينيين نحو الأردن، يتبعه لاحقا تهجير سريع تحت ظروف الطوارئ العسكرية، مضيفا أن الاحتلال بدأ بالفعل بتهجير أحياء من طولكرم وليس فقط المخيمات، كما يمتد ذلك إلى جنين.
وأوضح أن نجاح الاحتلال في هذه التجارب سيدفعه لاحقا إلى تهجير سكان قرى نابلس نحو الحدود الشرقية، مشددا على أن المسألة “مسألة وقت” وليست سنوات طويلة.
وقال إن المقاومة هي الجهة الوحيدة القادرة على مواجهة هذا المشروع، وأن وجود مقاومة حقيقية مسلحة ومدعومة عربيا قد يفشل المشروع بالكامل، لكنه أضاف أن الظروف الحالية تظهر أن الطريق “ممهّد”.
وفي الختام، عبر ابحيص عن خشيته من أن تمهد إدارة ترامب لاعتراف رسمي بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، لا سيما المناطق المصنفة (ج)، في إطار مساعي نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الحرب على إيران ستكون أيضا محورا أساسيا في المرحلة المقبلة، وأن المسألة باتت مرتبطة بالقرار السياسي، أو رضوخ إيران للضغوط الأمريكية.