مقالات

هل استشار ترامب روبوتات الذكاء الاصطناعي في فرض الرسوم الجمركية؟

د. رامي شاهين

في خطوة أثارت استغراب الاقتصاديين وموجات سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية “فردية” على أكثر من 60 دولة حول العالم، بزعم أنها تستهدف الدول التي تسجل أكبر عجز تجاري مع الولايات المتحدة. الغريب في الأمر أن بعض هذه “الدول” هي جزر غير مأهولة، تسكنها البطاريق ولا تُصدر شيئاً، مثل جزر هيرد وماكدونالدز في القارة القطبية الجنوبية!

المعادلات التي استخدمتها إدارة ترامب لحساب الرسوم أثارت تساؤلات عميقة حول دقتها، حيث أظهرت تقارير إعلامية واقتصادية أن الحسابات اعتمدت فقط على العجز في تجارة السلع، متجاهلة فائض تجارة الخدمات، مما أعطى صورة مشوهة لحقيقة العلاقات التجارية.

الخبير الاقتصادي الأمريكي جيمس سوروويكي وصف حسابات الإدارة بـ”الزائفة والخادعة”، قائلاً إنها ببساطة قسمت العجز التجاري الأمريكي على قيمة صادرات كل دولة إلى الولايات المتحدة، دون أي اعتبار للحواجز غير الجمركية أو التبادل في قطاع الخدمات.

وعلى منصات مثل Bluesky وX، تداول المستخدمون شاشات توضح أن روبوتات محادثة مثل ChatGPT، Gemini، Claude وGrok قادرة على تقديم نفس الحسابات التي استخدمتها إدارة ترامب عند طرح سؤال مثل: “كيف يمكن للولايات المتحدة حساب رسوم جمركية لتحقيق توازن تجاري ثنائي مع دول العالم؟”

لكن اللافت أن هذه الروبوتات نفسها حذرت من أن هذه الطريقة “مبسطة أكثر من اللازم”، ولا تعكس التعقيدات الحقيقية للتجارة العالمية، وأن فرض الرسوم بشكل عشوائي قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، توتر العلاقات الدولية، وحتى ردود فعل انتقامية من دول أخرى.

السؤال الذي يشغل الجميع الآن: هل فعلاً لجأت الإدارة الأمريكية إلى روبوتات الذكاء الاصطناعي لصياغة سياساتها التجارية؟ حتى إن لم يكن الأمر مؤكداً، فإن تطابق النتائج يعيد فتح النقاش حول أثر الذكاء الاصطناعي على القرار السياسي والاقتصادي، خاصة عندما يُستخدم دون تحليل بشري عميق أو فهم للأبعاد الجيوسياسية.

توصيات من خبير أردني في الذكاء الاصطناعي لحكومة الأردن:

  1. إنشاء لجنة وطنية للذكاء الاصطناعي التجاري تراجع أثر أي قرارات اقتصادية على التبادل التجاري العالمي باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي مختبرة وموثوقة.
  2. عدم الاعتماد على نتائج مباشرة من روبوتات الدردشة عند اتخاذ قرارات اقتصادية أو سياسية دون إشراف بشري وتحليل معمّق من مختصين.
  3. الاستثمار في تدريب الموظفين الحكوميين على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعّال، خصوصاً في مجالات التجارة والاقتصاد.
  4. تأسيس مركز وطني لتحليل القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لقياس الأثر المتوقع قبل التطبيق الفعلي لأي قرار.
  5. وضع إطار تشريعي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صنع القرار الحكومي، يضمن الشفافية، المساءلة، والعدالة.
  6. مراجعة العلاقات التجارية الأردنية مع الدول الأخرى باستخدام أدوات تحليل مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمعرفة نقاط القوة والضعف.
  7. الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في صياغة سياسات ضريبية ذكية تعتمد على تحليل سلاسل التوريد العالمية والتغيرات في السوق.
  8. توعية الإعلام والرأي العام الأردني حول مخاطر وسوء استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في السياسة العالمية.
  9. التعاون مع جامعات أردنية ومراكز بحثية لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي متخصصة في تحليل الاقتصاد الأردني وسيناريوهاته المستقبلية.
  10. تعزيز دور الأردن كوسيط إقليمي في تنظيم أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، من خلال دعوة لعقد منتدى عربي سنوي يركز على “الذكاء الاصطناعي وصنع القرار الحكومي الرشيد”.

بالطبع، إليك تحليلًا اقتصاديًا ذكيًا من وجهة نظر الذكاء الاصطناعي لما فعله ترامب، مع إضافة حلول بديلة أكثر فاعلية يمكن لأي دولة – بما في ذلك الأردن – الاستفادة منها بدل فرض رسوم جمركية عشوائية:

تحليل اقتصادي من وجهة نظر الذكاء الاصطناعي لما فعله ترامب:

المشكلة في النهج الترامبي:

  1. الاعتماد على عجز السلع فقط دون النظر لفائض الخدمات يعكس صورة خاطئة عن العلاقة التجارية.
  2. عدم الأخذ بالحواجز غير الجمركية التي قد تؤثر على تدفق السلع والخدمات.
  3. فرض رسوم على دول ليس لها تبادل تجاري فعلي (مثل جزر غير مأهولة)، ما يجعل القرار غير منطقي.
  4. تجاهل الآثار الاقتصادية الجانبية مثل ارتفاع الأسعار، نقص الإمدادات، وردود الفعل الانتقامية من الشركاء التجاريين.

حلول اقتصادية ذكية من وجهة نظر الذكاء الاصطناعي:

  1. تطبيق نموذج تحليل متعدد الأبعاد للتجارة الخارجية:

الذكاء الاصطناعي يمكنه بناء نموذج يأخذ بعين الاعتبار السلع والخدمات معاً، وسلاسل الإمداد، ومؤشرات الاستقرار الاقتصادي.

هذا النموذج يساعد على تحديد الشركاء الحقيقيين الذين يشكلون خللاً تجارياً فعلياً.

  1. استخدام الـ”Dynamic Tariff Simulation”:

يمكن لـAI محاكاة أثر الرسوم الجمركية قبل تطبيقها لمعرفة السيناريوهات المحتملة (زيادة الأسعار، ردود الفعل، التأثير على الوظائف).

بناء “نموذج تنبؤي” يسمح للحكومة باتخاذ قرارات متوازنة تحقق أهدافها دون كلفة باهظة.

  1. تبني “الذكاء التجاري التنبؤي Predictive Trade AI”:

تحليل سلوك الأسواق العالمية والتغيرات السياسية والاقتصادية لتحديد الوقت المثالي لعقد صفقات تجارية جديدة.

استخدامه في تحديد السلع الاستراتيجية التي يمكن تعزيز إنتاجها محليًا لتقليل الاعتماد على الواردات.

  1. استبدال الرسوم بسياسات تحفيزية للمنتج المحلي:

بدلاً من فرض رسوم على المستوردات، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد القطاعات المحلية القابلة للنمو السريع وتقديم دعم ذكي لها.

مثلاً، الذكاء الاصطناعي يمكنه تحديد الفرص التصنيعية القابلة للتصدير على المدى القصير والمتوسط.

  1. توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل اتفاقيات التجارة:

تحليل كل اتفاقية تجارية للتعرف على الثغرات والفرص بطريقة أسرع وأكثر دقة من التحليل اليدوي.

  1. استخدام LLMs كأداة دعم قرار للسياسيين:

بدلاً من الاعتماد كلياً على روبوتات المحادثة، يجب استخدامها كأداة مرجعية مرفقة بتحليل بشري متخصص.

  1. إنشاء مؤشر “العدالة التجارية” بالاعتماد على AI:

يقوم بقياس ليس فقط العجز أو الفائض، بل أيضًا العدالة في المعاملة بين الشركاء التجاريين (مثل الدعم الحكومي الخفي، أو تقييد دخول السوق).

  1. تحليل الأثر المحلي قبل فرض أي إجراء خارجي:

هل يمكن للاقتصاد الداخلي تحمل تبعات الرسوم؟ الذكاء الاصطناعي يساعد في الإجابة بسرعة ودقة.

من منظور الذكاء الاصطناعي، ما فعله ترامب يعكس نهجاً اختزالياً وخطيراً في معالجة مشاكل تجارية معقدة.
الحلول الذكية تكمن في بناء سياسات قائمة على البيانات والتحليل الديناميكي المستمر، وليس على شعارات أو حسابات مبسطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة