أخبار حياة – حمّل “المرصد الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة مدير مستشفى “كمال عدوان” الطبيب “حسام أبو صفية”، في ظل المعلومات المقلقة التي تكشّفت مؤخرًا حول تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري منذ اعتقاله.
وقال الأورومتوسطي في بيان صحافي، اليوم السبت، إنّه تلقّى معلومات عن تدهور الحالة الصحية للطبيب “أبو صفية” جراء تعرّضه للتعذيب عند اعتقاله تعسفا وخلال احتجازه في معسكر “سدي تيمان” جنوبي فلسطين المحتلة، محذرًا من خطر قتله على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، على غرار جرائم القتل العمد والقتل تحت التعذيب التي تعرّض لها أطباء وطواقم طبية أخرى اعتُقلوا من قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023.
وأوضح أنه تلقّى شهادات تؤكد اعتداء أفراد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالضرب على الطبيب “أبو صفية” فور خروجه من المستشفى يوم الجمعة 27 ديسمبر/ كانون أول 2024، ومن ثم استهدافه بقنابل الصوت بشكل مباشر أثناء محاولته إخلاء المستشفى بناءً على أوامر الجيش الإسرائيلي.
ووفقًا للشهادات التي تلقّاها فريق المرصد الأورومتوسطي، اقتاد جيش الاحتلال الطبيب “أبو صفية” إلى مقر التحقيق الميداني في منطقة الفاخورة في مخيم جباليا، حيث أُجبر على خلع ملابسه وتعرّض للضرب المبرح، بما في ذلك جلده باستخدام سلك غليظ يُستخدم لتمديد الكهرباء في الشوارع. كما تعمّد الجنود إهانته أمام المعتقلين الآخرين، بمن فيهم زملاؤه من طاقم المستشفى. وبعدها، تم اقتياده إلى جهة مجهولة قبل نقله إلى معسكر (39) التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب المعلومات التي تلقّاها المرصد الأورومتوسطي من معتقلين أُفرج عنهم حديثًا من معسكر (39) تعرّض الطبيب “أبو صفية” لممارسات تعذيب شديدة تسبّبت في تدهور حالته الصحية، رغم إصابته قبل اعتقاله نتيجة القصف الإسرائيلي على المستشفى الذي استمرّ في العمل فيه حتى اللحظة الأخيرة قبل اقتحامه وإحراقه من القوات الإسرائيلية.
ونبّه الأورومتوسطي إلى سلوك جيش الاحتلال الإسرائيلي واستمراره في تضليل الرأي العام بشأن اعتقال وتعذيب الطبيب “أبو صفية”، إذ نشرت وسائل إعلام مقرّبة من الجيش الإسرائيلي فيديو دعائي مضلل يصوّر فيه معاملته على نحو إنساني عقب اعتقاله، في حين كان قد تعرّض للتعذيب والإهانة فور انتهاء التصوير.
وحذّر من التداعيات الخطيرة لإنكار إسرائيل اعتقال الطبيب “أبو صفية”، معتبرًا ذلك مؤشرًا مقلقًا على مصيره وظروف اعتقاله، ما يفاقم المخاوف من تعرضه لتعذيب وحشي أو حتى القتل العمد.
وذكر أنّ منظمة (PHRI)، تقدّمت بطلب للسلطات الإسرائيلية نيابة عن عائلة الطبيب “أبو صفية” للحصول على معلومات لتسهيل زيارة محاميه في 2 يناير/ كانون ثان الجاري، لكنّ السلطات ردّت أنّها لا تمتلك سجلاً لاعتقال الطبيب “أبو صفية”، وقالت: “بعد مراجعة استفساركم، نود إعلامكم أنه لم يتم العثور على أي مؤشر للاعتقال أو الاحتجاز للفرد المعني”.
وأعرب الأورومتوسطي عن خشيته من إقدام السلطات الإسرائيلية على قتل الطبيب “أبو صفية” خلال اعتقاله، كما فعلت مع رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء الطبيب “عدنان البرش”، الذي قتلته تحت التعذيب في معتقل عوفر في 19 أبريل/نيسان 2024، بعد اعتقاله مع مجموعة من زملائه في مستشفى العودة شمالي قطاع غزة في ديسمبر/كانون أول 2023.
كما استشهد الطبيب “إياد الرنتيسي”، رئيس قسم الولادة في مستشفى “كمال عدوان”، بسبب التعذيب في مركز تحقيق تابع لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في مدينة عسقلان بعد أسبوع من اعتقاله في نوفمبر/تشرين ثان 2023، وأخفت حينها السلطات الإسرائيلية مقتله لأكثر من سبعة أشهر.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ العشرات من الأطباء وأفراد الطواقم الطبية ما يزالون يخضعون للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، ويتعرضون للتعذيب القاسي والحجز الانفرادي، وفق شهادات معتقلين سابقين.
ولفت إلى أنّه يجب فهم اعتقال الطبيب “حسام أبو صفية” في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ نحو 15 شهرًا، إذ تُعدّ جريمة اعتقاله وتعذيبه وربما قتله، جزءًا من استراتيجية واسعة تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني في القطاع سواء على المستوى الجسدي أو النفسي وتحطيم معنوياتهم وإرادتهم.
وبيّن أنّ الأمر لا يقتصر على التدمير المتعمد والمنهجي للقطاع الصحي وتعطيل عمل الكوادر الطبية، وخاصة شمالي قطاع غزة، بل أيضًا الهجوم على الدور الرمزي والإنساني الذي جسّده الطبيب “أبو صفية” وتدميره، إذ على الرغم من الجرائم الخطيرة التي ارتُكبت ضد مستشفى “كمال عدوان” وطاقمه ومرضاه، خاصةً في الشهرين الماضيين، إلا أنّه ظل ثابتًا في التزامه بتقديم الرعاية الطبية الأساسية، ومخلصًا لواجباته الطبية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات الدولية والأممية المعنية إلى اتخاذ التدابير الفورية والفعّالة لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن الطبيب “حسام أبو صفية”، والتأكد من احترام حقوقه الأساسية في الحياة والسلامة الجسدية والكرامة، وحمايته من أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بمنح المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان حق الوصول الكامل لزيارة الطبيب “أبو صفية”، ومراقبة حالته الصحية، وتقديم العلاج اللازم له، وضمان عدم تعرضه لأي انتهاكات لحقوقه الإنسانية أثناء مدة احتجازه إلى حين الإفراج عنه.