بيت حواء

الصحفي أيمن الجدي.. رحل وقلبه معلّق برؤية طفله الأول

أخبار حياة – حلمٌ وُثِقت لحظاته عدسة هاتفه المحمول، كان بينه وبين رؤية طفله الصغير وحَمله لحظات لم تكتمل في عالمٍ ملتهب بدماء الوالد الذي ارتقى شهيدًا، قبل أن يخرج ابنه إلى الدنيا.

الصحفي أيمن الجدي قصة وجع لخصتها والدته المكلومة بقولها: “والله لسا ما شاف ابنه”، عبارةٌ حملت في جنباتها حكاية شاب تعب من انتظار اليوم الذي ستنتهي فيه الحرب كي يجمع شمله ورفيقة دربه.

طال أمد الحرب التي أكلت كل ما في طريقها، لذلك قرر الصحفي الجدي لم الشمل مع حبيبة قلبه في خيمة نزوح، على أمل أن تضع الحرب أوزارها.

في نهاية النفق المظلم، خرج ذلك الضوء والأمل من براثن سبع ظلمات تجتمع على أيمن وعائلته، فكان خبر حَمل زوجته بطفله الأول شرارة فرح قِيّدت في قلبين أصرا على زرع الحياة في حقل الموت.

غصة وألم

تسعة أشهر مرت والأب ينتظر تلك اللحظة التي يحمل فيها طفله الصغير “عبد الله”، لكن صواريخ الاحتلال قتلت ذلك الحلم، حين أصابت مركبة البث الفضائي التابعة لقناة القدس اليوم، وتناثرت أشلاء الزميل أيمن وأربعة من رفاقه، لتعلن رحيله قبل أن يرى طفله الأول.

خبرٌ عابر غطى شاشات التلفزة ووسائل الإعلام، لكنه خرج للعالم وقت مخاض الأم بابنها الذي يحمل في حياته اسمًا مليئ بالألم، ويكون تاريخ ميلاده حسرة تذكره بأنه وُلد دون أن يرى وجه والده أبدًا.

“كان أيمن كتير متلهف يحمل ابنه الصغير، ويحضنه ويربيه على ايده”. يقول أحمد الجدي_ أحد أقارب الشهيد الصحفي أيمن لوكالة “صفا”

ويضيف الجدي “زوجة الشهيد أيمن لم تكن تعلم باستشهاد زوجها، إلا بعد أن خرجت من المشفى واستقرت في خيمتها، لأن الكل كان يخشى عليها من أعراض الصدمة”.

ويتابع “سمينا الطفل الصغير على اسم أبوه، حتى يكون منارة له في طريقه ويتذكر أن الاحتلال حرمه لآخر عمره من كلمة بابا”.

“حال العائلة محزن جدًا، فالأم فقدت ابنها الذي لم يرى صغيره، والزوجة لم تلتقي بزوجها حال خروجها من كشك الولادة، ليحمل طفله بين يديه ويسميه بالاسم الذي اتفقا عليه، أما الصغير فهو الذي ذاق اليتم قبل أن يُولد”. يقول الجدي.

أحلام لم تكتمل

ويشير إلى أن أيمن كان يمارس عمله الصحفي في نقل الخبر والصورة الوحشية التي يمارسها جيش الاحتلال في قطاع غزة، وكل إدعاءاته مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة.

ويتابع الجدي، بقلب يملؤه الحسرة والألم، “لم يفعل العالم شيئًا، وأيمن لن يكون أول صحفي ولا الأخير، ولن يتحرك العالم ساكنًا، لو أراد أن يتحرك كان فعل ذلك، حين تم استهداف أول صحفي وكادر طبي ودفاع مدني”.

أيمن الجدي استشهد ليلتحق بـ 200 صحفي ارتقوا وهم يحملون على أكتافهم نقل القصة والحقيقة كاملة، لكنهم رحلوا دون أن يكملوا مهمتهم، فيما ما تزال القصة تكتب فصولها بدماء وأشلاء أبناء شعبه.

ورحل الصحفيون تاركين خلفهم أحلامًا لم تكتمل وحياة لم يُكتب لها النضوج والخروج من بذرتها، فتيّبست الشجرة قبل أن تتمدد جذورها في الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى