قصة الشقيقين عبيدات المفقودين بسجون سوريا منذ 34 عاما
أخبار حياة – وفاء وهاني أقدم مفقودين ضمن قائمة المعتقلين الأردنيين في سجون النظام السوري، فمصيرهما ما يزالُ مجهولا منذ 25 عاما، بالرغم من كل المحاولات التي بذلتها والدتهما طوالَ مدة غيابهما.
فلم يثنِ المرضُ السبعينية ازدهار قبل وفاتها العام الماضي في البحث عن هاني ووفاء، ولم تجد خلال الفترة الطويلة أي أخبار تشير إلى مصيرهما سوى أنهما معتقلان منذ العام 1986 لدى الأجهزة الأمنية السورية.
وكانت وفاء فهمي عبيدات غادرت الأردن بتاريخ 20 /10 / 1986 بهدف استكمال إجراءات التخرج من جامعة دمشق، حيثُ كانت تدرس في كلية الطب آنذاك في الوقت الذي كان فيه شقيقها هاني متواجدا في سورية لغايات الالتحاق بالجامعات السورية بعد فشله بتحقيق ذلك في العراق.
ويروي هاني عبيدات احد اقربائهم ان ما تمَّ جمعه من معلومات شحيحة حول كيفية اعتقال وفاء، هو أنَّ الأجهزة الأمنية السورية أخبرتها بأنَّ شقيقها تعرَّضَ لحادث سير، وأنَّ عليها مرافقتهم لمعرفة التفاصيل.
وفي روايات زميلاتها في الجامعة وحسب ما أخبرن والدتها، فإن آخر مشاهدة لوفاء كانت في الجامعة حيث قام أشخاص باصطحابها بمركبة بكل هدوء.
وتقول والدة وفاء قبل وفاتها إنَّه بعد مغادرة وفاء الأردن بأقل من أسبوع انقطعت الأخبار عنها، الامر الذي اضطرها الى الذهاب الى سورية لمعرفة أخبارها والاطمئنان على هاني الذي كانت أخباره ايضا قد انقطعت منذ فترة لتفاجأ بأنَّ الأجهزة الأمنية قامت باعتقالهما.
الخبر الذي نزل كالصاعقة على عائلة وفاء تسبب بحدوث جلطة دماغية لوالدها توفيَ بإثرها بعد سنتين من اعتقالهما، ما حول حياة العائلة الى جحيم.
ومع التأكد من حادثة الاعتقال شرعت والدتهما في رحلة البحث عنهما تاركة وراءها رب أسرة يعاني شللا نتيجة الجلطة، وثمانية أطفال يحتاجون الرعاية مقابل أنْ تحصُلَ على أية معلومة عن وفاء وهاني.
على أنه لم يدر بخلدها أنَّ رحلة البحث ستستمر قرابة سبعة عشر عاما بدون جدوى بالرغم من كل محاولات الحصول على اية معلومة تخللها طرق كافة أبواب المراكز الأمنية والمسؤولين السوريين ودفع مبالغ تجاوزت – حسب تأكيدها – الثمانين ألف دينار، كانت تذهب كأجور لبعض العناصر الأمنية بهدف إرشادها إلى ولديها، منها سبعة آلاف دينار كانت أعطيت لأحد أقارب العائلة الحاكمة في سورية ببلدة القرداحة مقر الرئيس الحالي.
السبعينية تستذكر مواقف عاشتها خلال بحثها عن وفاء وهاني تعكس أشدَّ صور الإجرام التي يمارسها النظام السوري على المعتقلين ما كان يزيد من آلامها وحسرتها على ولديها، ويزيد من حرقة قلبها ويدفعها للبحث أكثر، أملا في إنقاذهما من مصير مجهول قد يكون مشابها لبعض الحالات التي رأتها، ومنها اضطرارها النزول في أحد الأنفاق بعد إخبارها بان وفاء وهاني بانتظارها في نهاية النفق لتفاجأ عند وصولها بوجود مجموعة من النساء المقتولات اللواتي مثلت باجسادهن وتفوح من جثثهن رائحة التعفن.
عائلة وفاء وهاني، وبعد أن استنفدت طاقتها المادية والجسدية في رحلة بحث فاشلة، تعيشُ الآن على أمل سماع أي نبأ عنهما في حالة من أشد حالات القلق والترقب، أقلها اتخاذ والدتهما عتبة منزلهما مكاناً للنوم، أملا بأنْ تكونَ أول من يسمع صوت طرق باب المنزل بعودة وفاء وهاني لتضمهم إلى حضن لم يشعر بالدفء منذ خمسة وعشرين عاماً.
وتتخوف عائلة وفاء وهاني من تطور الأحداث التي تعصف بسورية من تصفيتهما الجسدية.